المقدمة
مستجدات طبية
الحمل و مشاكل الولادة
صحة عامة
أمراض الأطفال
مواضيع بالأمراض الداخلية
الجهاز التناسلي المذكر
أراء طبية حرة
مخطط الموقع
باب أراء طبية حرة - الصفحة (9) - صحة - طب عام
الدواء سم زعاف وبلسم شاف
د عمر فوزي نجاري
الدواء سم زعاف وبلسم شاف شهد ت العقود المنصرمة تطورا هائلا على الصعيد الطبي شمل حقول الطب المختلفة بما فيها علم الأدوية والعقاقير، فقد اكتشفت العديد من العقاقير المستعملة في علاج الأمراض المختلفة، فكانت بحق فتحا في علم الطب حققت انتصارات رائعة على العديد من الأمراض الخطيرة التي كانت تفتك بالبشرية وتحصد أرواح البشر دون رادع يردعها أو دواء يخفف وطأتها. اليوم وقد باتت العقاقير الطبية تعد بالآلاف وتملأ رفوف الصيدليات حتى أنٌه لا يخلو بيت أو مكتبة من مكان خصص لحفظ الأدوية لاستعمالها حين الحاجة، أضحى من المسلمات معرفة المزيد من الحقائق والمعلومات عن هذه العقاقير من حيث السلب أو الإيجاب. سلاح ذو حدين : على الرغم من الفوائد والمزايا التي تتمتع بها الأدوية من حيث قدرتها على شفاء العديد من الأمراض وتخفيفها لآلام ومعاناة العديد من المرضى بإذن الله، إلاٌ أنٌه من المهم أن لا ننسى ما يمكن أن تسببه هذه الأدوية من أذيات وأضرار قد تكون من الخطورة بمكان، فالدواء سلاح ذو حدين، واستخدامه يحتاج لحكمة الطبيب القادر على الموازنة بين فوائد ومزايا استعمال الدواء وبين المخاطر الناجمة عن استعماله. مخاطر الأدوية : تنجم خطورة الأدوية عادة عن سوء استعمال الأدوية من قبل المرضى، إذ يلجأ بعض المرضى إلى الإسراف في تناول دواء معين دون مشورة طبية، ولعٌل النساء الحوامل والأجنة في الأرحام والأطفال والمسنين هم أكثر الفئات تعرضا لمخاطر إساءة استعمال الأدوية. وبما أنٌ ردود الأفعال الناجمة عن تناول الأدوية تختلف كثيرا بين شخص وآخر وبين طفل وكهل وبين شخص مريض وآخر سليم وذلك بسبب اختلاف طرق امتصاص الأدوية واستقلابها وإطراحها، لذلك كان من الواجب الرجوع إلى الطبيب لتحديد الجرعة الدوائية الملائمة لكل شخص على حدة . التحسس : وهو أكثر الأذيات الدوائية شيوعا وانتشارا، وتتراوح شدته بين الحكة الجلدية الخفيفة، والطفح الجلدي الشديد، إلى انسلاخ كامل بشرة الجلد وهي الحالة المعروفة باسم ((المريض المسلوق)) أو طبيا باسم (متلازمة لايل) وهي تشاهد عقب تناول أدوية تحوي في تركيبها على مركبات السلفا بشكل خاص، وقد تكون الحالة التحسسية من الشدة لدرجة تصل إلى الوفاة كما هو الحال في حوادث التحسس للبنيسيللين المعروفة باسم الصدمة التأقانية المميتة . جهاز الهضم : يمكن للأدوية المتناولة أن تحدث من الاضطرابات مالا يؤخذ في الحسبان إذ قد تسبب اضطرابات هضمية متفاوتة تتراوح بين الشعور بالغثيان والإقياء وعدم تحمل الدواء، إلى الآلام المعدية الناجمة عن تخريش المعدة وما يتبع ذلك من تخريش الغشاء المخاطي للمعدة والأمعاء وما يمكن أن يؤدي إليه من نزيف دموي معوي وحتى انثقاب المعدة والأمعاء، وأشهر الأدوية المتهمة بإحداث مثل هذه الأذيات الأسبرين والأدوية الأخرى المستعملة لعلاج الآلام المفصلية والروماتيزمية . ومن التأثيرات الأخرى المشاهدة جفاف وتغيرات لون اللسان كالاحمرار أو الاسوداد كما يمكن لبعض الأدوية وخاصة الصادات الحيوية أن تؤثر على الزمر الجرثومية المعوية الطبيعية غير الممرضة المتعايشة في الأمعاء فتقضي عليها مما يخل بالتوازن القائم بين جراثيم الأمعاء مما يتيح الفرصة لنمو الجراثيم الضارة والفطور الانتهازية كالمبيضات البيض التي تتوضع على الأغشية المخاطية للفم والأمعاء والتي يخشى من تسربها إلى مجرى الدم، فيصاب المريض بالحمى والإسهالات، ولعٌل أشهر الأدوية المتهمة في هذا المجال اللنكوميسين والكلنداميسين . يعتمد علاج مثل هذه الحالات على إيقاف الدواء المسبب وإعطاء الفيتامينات وأحيانا مضادات الفطور، مع تطبيق حمية غذائية خاصة تمنع فيها الأطعمة المخرشة للأغشية المخاطية لجهاز الهضم كالبهارات والتوابل والقهوة والشاي، حيث تستبدل بالحليب والأدوية الحاوية على هلام الألمنيوم. كما يمكن لبعض الأدوية وخاصة أدوية التخدير ومركبات السلفا أن تسبب أذيات كبدية تتظاهر باللون اليرقاني الذي يعكس حالة كبد المريض المتأذي . جهاز السمع : يمكن لبعض أنواع الأدوية أن تؤثر سلبا على جهاز السمع والتوازن في الأذن والدماغ مسببة نقصا في السمع أو صمما مترقيا، كما يمكن أن تسبب شعورا بالدوار أو طنينا في الأذنين، وهي أذيات قد تكون قابلة للتراجع إذا تم اكتشافها باكرا . إنٌ معظم الأذيات السمعية تنجم عن مجموعة أدوية الأمينوغليكوزيدات وبشكل خاص الستريبتوميسين . حاسة البصر : وهي حاسة أساسية عند الإنسان، ويعتمد عليها كثيرا في شؤون حياته اليومية، يمكن لهذه الحاسة أن تتأثر بالعديد من الأدوية إذا ما أسيء استعمالها ، إذ يمكن للأدوية المستعملة عادة في معالجة التدرن (السل) كالإيزونيازيد والإيتامبيوتول مثلا أن تسبب التهابا للعصب البصري . كما يمكن لهذه الأدوية ولغيرها أيضا أن تسبب أذيات بصرية عديدة لعُل أهمها وأخطرها اعتلالات الشبكية والتهابات القزحية، عدا عن الترسبات الحاصلة في القرنية عقب تناول أنواع معينة من الأدوية . ومن هنا كانت الفحوص العينية الدورية ضرورية جدا للمرضى المصابين بأمراض مدنفة مزمنة تتطلب علاجا مديدا وخاصة مرضى السل والسكري وفرط التوتر الشرياني. الكلية : الكلية هي جهاز الإفراغ والإطراح وهي التي تصفي الدم من شوائبه وتطرحها عبر البول، وهي عضو هام جدا، إلاٌ أنٌها تتأثر بالعديد من الأدوية التي يمكن أن تسبب فيها أبيات قد تكون غير قابلة للتراجع كالتهاب الكلية الخلالي التالي لتناول البنسيلين، كما تتأثر وظائف الكلية وقد تعجز عن القيام بعملها إذا ما تعرضت لجرعات كبيرة من بعض الأدوية كمركبات الأمينوغليكوزيدات مثلا . الدم : تمتلك بعض الأدوية المقدرة على إحداث أذيات متنوعة على عناصر الدم المختلفة بدءا من موقع تخلقه في نقي العظام (مخ العظام) ومن أهم هذه الأدوية مركبات الكلورامفنكول والنوفالجين القادرة على تثبيط نقي (مخ) العظم عن أداء عمله المتمثل في إنتاج عناصر الدم المختلفة وقد يكون التثبيط جزئيا أو كاملا كما قد يكون مؤقتا أو دائما. كما يمكن للأدوية أن تؤثر على مكونات الدم الجوالة في العروق الدموية مسببة تخربها وما ينجم عن ذلك من تحطيم كريات الدم الحمراء كما هو الحال عند المرضى المصابين بنقص في الخميرة المعروفة باسم (G6PD) إذ سرعان ما تتخرب كريات دمهم الحمراء عقب تناول أدوية معينة كمركبات الساليسيلات والسلفا والكلورامفنكول. الأعصاب المحيطية : يسبب إساءة تناول بعض أنواع الأدوية التهابا في الأعصاب المحيطية يتظاهر على شكل شعور بالخدر والنمل واضطراب في الإحساس والمنعكسات الوترية وحدوث ضعف في العضلات، تنجم مثل هذه الحالات عن التأثيرات السيئة للأدوية المؤدية لاستهلاك كميات كبيرة من فيتامين ب6، وهو ما نشاهده عادة عند مرضى السل (التدرن) الذين يتناولون جرعات كبيرة من الإيزونيازيد ولمدة زمنية طويلة. كلمة ختام : مهما تقدمت علوم الأدوية والعقاقير وسبل العلاج فإنٌ الحاجة تظل ماسة إلى حكمة الطبيب الحكيم القادر على الموازنة بين فوائد الدواء وسيئاته ذلك أنٌ الدواء سلاح ذو حدين، والأحمق، من يستعمل الدواء عشوائيا دون مشورة طبية، فترتد سهام دوائه على صحته ليصبح الدواء سما زعافا عليه عوضا عن كونه بلسما شافيا _________________________ فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري
25/2/2021
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu