أشكر الدكتورة هدى على مشاركتها و أقدم احترامي لرأيها.
لا شك و أن ملايين العرب من مختلف البلدان يشاركوها الرأي.
من غير شك، أن كل فتاة لن تمارس الجنس طوال عمرها. أو تثق بأنه لن يلمسها سوي رجل واحد طوال عمرها، و أن هذا الرجل سيبقى مخلصا لها كل العمر. من المؤكد بهذه الحالة، أنه لا يوجد أي مبرر للقاح المضاد للـ HPV .
لا شك أن هذا ما يرجوه أغلبنا كأزواج و كآباء و أمهات ، و لكني اسأل نفسي، هل يحق لنا كأطباء أن نطبق مشاعرنا الشخصية على مهنتنا؟
العديد من التساؤلات تدور ببالي، و لكن قبل طرحها لنستعرض بعض الوقائع و الحقائق.
أتذكّر و منذ عدة سنوات، ما دار بحديث جانبي مع استأذنا الدكتور صادق فرعون أثناء مؤتمر نظمناه بدمشق برعاية الجمعية السورية لأطباء النساء و التوليد. قدمتُ بهذا المؤتمر محاضرة عن خبرتي بتنظير عنق الرحم بقصد التشخيص المبكر لسرطان عنق الرحم، و قدم لنا الدكتور فرعون محاضرة عن خبرته بمعالجة هذا السرطان بسوريا.
سألته عن رأيه بموضوع العدوى بفيروس الـ" أتش بي في: HPV" كسبب في سرطان عنق الرحم، قال لي أنه لا يرفض هذا الأمر. فهو حقيقة علمية ثابتة. و لكن التحري عن هذه العدوى، و إثارة الحقيقة " بأن سبب المرض الأساسي هو علاقة جنسية"، يبقى من الأمور التي يحظر أو يصعب التكلم عنها بمجتمعاتنا.
الشيء الواضح و الصريح، أن مجمعاتنا ليست خالية من هذا المرض ذو الانتشار الجنسي، و لكن هذا ليس حكما بسبب الجنس الغير مشروع...
لا تتم العدوى سوي بتعدد الشركاء الجنسيين. هذه التعدّدية من الممكن جداَ أن تكون مشروعة. بحالة تعدد الزيجات أو الزواج مجددا بعد طلاق. و لا ننسى من تاب و عاد إلى الصراط المستقيم "بعد ان عمل السبعة و زمتها" التوبة لا تعني الشفاء من الأمراض.
لا ننسى ان نذكر بأن العدوى بالبابيلوما فيروس ممكنة بالجنس السطحي. و يمكن لهذا الفيروس ان يحترم غشاء البكارة.
النقطة الثانية التي تسحق بعض التفصيل. و هو معدل انتشار الفيروسة... عندما كنا على مقاعد الدراسة بأواخر السبعينات. لا أذكر إن كان احد أساتذتنا قد حدثنا عن هذا الفيروس. الطاخة أيامها كانت تصنف حسب البابانيكولا.
و لكن مفاهيم أمراض عنق الرحم انقلبت بعد اكتشاف فيروسة الـ HPV أصبح التحري عنها بعنق الرحم ممكن بشكل روتيني بواسطة تقنيات الـ PCR . و نتائج الأبحاث أقرت بشكل ثابت لا مجال للشك به أن هذه الفيروسة تسبب 99% من سرطانات عنق الرحم. بشكليها الغدي و الأبيدرموئيد. أكرر سرطانات عنق الرحم، أي ما تكشفه اللطاخة. و هذا لا علاقة له بسرطانات بطانة الرحم و لا سرطانات المبيض. و لا غيرها من السرطانات النسائية.
هذا الرقم تعطيه السجلات الوبائية الدقيقة التي بحثت عن الفيروس ووجدته تقريبا بكل حالات سرطانات العنق. بمركزنا، و منذ بدأنا بالتحري عن هذا الفيروس لا أذكر أننا سجلنا و لا أي حالة سرطان عنق لا علاقة لها بالـ HPV
سرطانات عنق الرحم هي من أكثر السرطانات النسائية شيوعا. وجود عامل خارجي مسرطن يشرح معدل الانتشار الواسع بالمقارنة مع السرطانات الأخرى التي لا نعرف لها سبب مسرطن، و تبقى أقل شيوعا.
نفس الشيء يخص مثلا سرطانات جهاز التنفس الناتجة عن التدخين. و هي أكثر انتشارا من باقي السرطانات لتوفر عامل خارجي مسرطن.
ميزة هذا السرطان أن الكشف عنه أسهل من غيره بفضل اللطاخة التي لم تعد تستند إلى تصنيف بابانيكولاي القديم بل إلى تصنيف بيتزدا "كما شرحت بهذا المقال التحري عن سرطان عنق اللرحم بالطاخة، تصنيف Bethesda " و هذا التصنيف يدور بفلك الـ HPV
النقطة التالية: انفجار معدلات انتشار هذا المرض.
هذه النقطة يجب أن تؤخذ بعين الحذر.على الرغم من أن إمكانية التزايد تقتضي المقارنة بين الماضي و الحاضر. و بالماضي الغير بعيد لم يكن التحري عن هذا الفيروس ممكن. ربما لوكان كشف الفيروس ممكننا منذ 20 سنة، لوجدنا نفس العدد هذا اليوم. الأرقام الإحصائية ليست اكثر من أرقام... ألا أننا لا يمكن أن ننكر هذه الحقيقة. و بعملنا اليومي ـ بأوربا ـ لا يخفى علينا أن عدد حالات الإصابة بهذا الفيروس و التي نكتشفها حاليا بفضل اللطاخة هي أكثر مما كنا نكتشفه منذ عشرين عاما.
أن دل هذا الانفجار بمعدلات انتشار الفيروس على شيء أنما يدل على ناقوس الخطر.
الحقيقة التي لا يجوز تجاوزها أن الفيروسات لا تعرف الحدود. و لا توقفها دوريات الجمارك. إن وصلت لهذا العدد الكبير من الحالات بالبلاد الأجنبية، فلا بد و أن تصل يوما ما إلى بلادنا. فهل نجلس مكتّفي الأيدي و نتحصن بعاداتنا و تقاليدنا التي ستوفر لنا الحماية من العدوى بمرض قد يكون قاتل؟
الحقيقة التالية. كما ذكرت أعلاه عن كلامي مع استأذنا الدكتور صادق فرعون. سرطان عنق الرحم منتشر ببلادنا و لكن التحري عن فيروسة الـ HPV غير متوفر ـ على حد علمي.
فأما أن سرطانات عنق الرحم بسوريا هي كلها من الـ 1% من السرطانات التي لا علاقة بفيروسة الـ HPV أو أننا لا نعترف بهذه الحقيقة "الـ HPV منتشر ببلادنا" و نبحث عن تغميض أعيننا عنها مثل النعامة، لأننا مقتنعين أن تعدد الشركاء الجنسي غير ممكن بمجتمعنا.
قبل أن نذهب بعيدا و نتهم الحالة الاقتصادية من اجل تفسير الإباحة الجنسية، نذكّر أن هذا المرض لا يقتصر على البلدان الغربية الغنية. بل أنه يفتك بأضعاف مضاعفة بالبلدان النامية الفقيرة. انظروا إلى معدلات انتشاره بافريقيا.
و هناك الطامة اكبر، فالتحري عن المرض غير ممكن أو نطاقه ضيق للغاية. و العلاج، حدث و لا حرج. بالكاد يتوفر العلاج المسكن للألم.
تتوقع المؤسسات العلمية التي وضعت اللقاح أن فائدته العظمى ستكون بالبلدان النامية لمعالجة المشكلة من جذورها. هذه الفائدة المرجوة ستبقى حبرا على ورق إن لم تقتنع السلطات الصحية للبلدان النامية بضرورة هذا اللقاح.
الحقيقة الأخرى و التي لا يجوز إهمالها، هو دورنا كأطباء بالتوعية الصحية.
لم يقل احد أن اللقاح موضوع الحديث هو وقاية من كل الأمراض المنتشرة جنسيا. و حتى ضمن عائلات فيروسة الـ HPV فهو لا يوفر الوقاية المطلقة، حتى أنه لا يشمل سوى العائلات المسرطنة من هذه الفيروسة و الأكثر انتشارا. أي انه لا يقي من العائلات التي تسبب التأليل التناسلية، و عادة هي غير مسرطنة. فمازلنا بعيدين جدا عن الوقاية من جميع الأمراض المنتشرة جنسيا. هذه هي مهمتنا كأطباء ـ نشر التوعية الصحية. و بالتالي، و عندما نتحدث عن اللقاح بشكل مفتوح و صريح، لن يشكل هذا اللقاح كرت أبيض من اجل الإباحة الجنسية.
هذه الحقيقة علينا أن نكرّرها صباح مساء قبل أن يمر عليها الجيل الصاعد.
مهمتنا هي وقاية الجيل الصاعد من الأمراض بشتى أصنافها و منها الأمراض المنتشرة جنسيا. و أن نعالج المصابين بهذه الأمراض دون أن نحكم عليهم بشكل مسبق، الإصابة بمرض مخجل لا تعني أن المريض يستحق أن نهمله.
الوقاية تستند على التثقيف الطبي، و لكن هذا التثقيف غير ممكن بجو الحظر و الممنوعات و تحت التهديد بالعقوبة.
لا يمكن لمن يقوم بمهمة التثقيف الصحي أن يكون هو نفسه من يمنع و يحظر و يعاقب.
لنتصور مثلا ذلك الشاب الذي يعيش تحت التهديد بالعقوبة إن تجرأ و اقترب من الجنس. بالتأكيد أن هذا الشاب لن يجرؤ أن يصارح مربيه و السوط بيده عن مشكلة تدخل ضمن نطاق الممنوعات.
برأيي أن حظر و منع الجنس العشوائي لن يكفي للتحديد من انتشار الأمراض المعدية جنسياَ. و كما يقول المثل كل ممنوع مرغوب. الشرطي و الجلاد بعمره لا يصبح مربي. و لنصدق هذا يكفي أن ننظر بشكل موضوعي حولنا لنرى إلى أين يسير الجيل الجديد. و كل هذا الحظر الديني و الأخلاقي و الاجتماعي.... هل فاد بشيء؟؟؟. و للنظر جلياَ خارج نطاق الملتزمين فعليا بقواعد الحشمة.
يقول خبراء علم الوبائيات، أن أي خطة وبيائية تطبق على مجال واسع، لا تنجح إن لم يلتزم بها على الأقل 70% من السكان. أي إن أردنا الاعتماد على الحشمة للوقاية من الأمراض المنتقلة جنسيا، يجب أن نضمن ان 70% من الأشخاص المعرضين للإصابة ـ الجيل الناشئ ـ . سيكتفون بشريك جنسي واحد طوال العمر ـ و حتى بعد الطلاق.
قبل أن نقول للشاب "إياك ثم إياك.. يا ويلك يا ظلام ليليك". يجب أن نقول له ـ كأطباء ـ يوجد البابيلوما فيروس و يوجد الإيدز و يوجد الكلاميديا و العقبولة و الوقاية منها بكذا و كذا.
عندما يصاب بهذه الأمراض علينا أن نعالجه بغض النظر عن الخلاف بين معتقداتنا الشخصية كطبيب و معتقداته كمريض.
و بالنهاية، ما المانع من أن ننصحه باللقاح ضد البابيولوما فيروس، و لو كان بصيص الأمل خلفه.
و لنترك المنع و الحظر لأهل السلطة
أرجو أن لا يفهم من كلامي هذا أني مع الإباحة الجنسية أو الجنس العشوائي. أعبّر عن رأيي من الناحية العلمية، لمعالجة مشكلة صحة عامة، و لا أناقش الأمر من الناحية الشخصية
تقول الدكتورة هدى طحلاوي
شكراً للدكتور لؤي على تعليقه المستفيض وأنا معه بمهمة الطبيب الإنسانية ومتابعة بصيص الأمل ولو كان ضئيلاً لإنقاذ المرضى من شبح السرطان اللعين وعذابه المضني ولكن كتبت المقال لأنبه للأخطار الأخرى التي يمكن أن تحدث من ممارسة الجنس العشوائي المحرم ليخاف منها من لا يخاف من الله وما أكثرهم لعل هذا الخوف يكن وقاية لهم من المرض وسأنشر هذه المقالة بالمناسبة إذ صادفتني قصة واقعية من العيادة فكتبتها :
قصة واقعية من العيادة بعنوان :
ممن نخاف ؟
دخلت والخوف بعينيها تجر وراءها طفلتين صغيرتين بعمر الزهور وأول ما بدأت به بعد الجلوس أمامي السؤال عن مرضها وخوفها من كونها مصابة بالإيدز إذ أنها تشكو من نحول مستمر وفقدان الشهية للطعام واندفاعات جلدية غريبة الشكل .
قلت لها نرى أولاً ونفحص ثم نقرر , وبما أن الاشتباه بالإيدز كان موجوداً فلا بد لنا من إجراء بعض التحاليل المخبرية الهامة لتأكيد التشخيص .
ثم تابعت قائلةً : لماذا أنت خائفة من الإيدز ؟ هل لديك قريب مصاب كالزوج مثلاً ؟ أو أنك ذات علاقات خاصة ؟
وبجرأة أشبه بالوقاحة قالت : لن أخاف منك , وسأقول لك نعم إنني على علاقة بشاب منذ كنت فتاة وما زلت.
تابعت أسئلتي لمزيد من الاستقصاء والتحري : وهذا الشاب هل له علاقات أخرى ؟ فقالت أظن ذلك إذ أراه مع فتيات عدة .. يا للويل إنني أخشى من الإيدز .
وبغض النظر عما جرى لهذه المرأة لاحقاً وعن كون زوجها مغفلاً إلى هذا الحد , وعن الاستفسار والتساؤل لمن إذاً هاتان الطفلتان اللتان تحملان اسم زوجها والمستقبل الذي ينتظرهما .. تساءلت ملياً : ألهذا الحد بات إنسان هذا العصر من السخف والغباوة يخاف من الإيدز بدلاً من الخوف من الله , فلولا وجود الإيدز ممن يخاف إذاً ؟
على كل حال يبدو أن العالم اليوم ينقسم فريقين : فريق يخشى الله وآخر يخشى الإيدز ولا ثالث لهما !
فأما الفريق الأول فإنه يخشى إلهاً عظيماً كبيراً جباراً يحيي ويميت .. إلهاً قادراً على أن يهب الإنسان حياةً طيبة هانئة يعمر فيها الكون ويخلف من بعده ذرية قوية تحمل اسمه ورسالته , وطبعاً هذا الإنسان المؤمن يبتعد عن كل ما نهى عنه الله من محرمات كالسرقة والغش والكذب والزنى وغيرها .. ولذلك يبقى محبوباً ممن حوله من البشر , وله الوعد أيضاً بدخول جنة الخلد في العالم الآخر بعد الموت .
أما الفريق الثاني فإنه يخشى فيروساً حقيراً متناهياً في الصغر لا تراه العين ولا حتى المجهر العادي الذي يكبر مئات المرات . يعمل ويفتك ببطء في الإنسان ويظل الجسم البشري يصارع الموت عدة سنوات حتى ينهزم أخيراً أمام هذا الفيروس الحقير الذي يظل مخيفاً ومرعباً لأن النهاية المحتومة بالعذاب والموت قادمة لا محالة . وخطر العدوى قائم خصوصاً لأقرب الناس إليهم , فيحطم أسراً بأكملها : الآباء والأبناء معاً , ولذلك يصبح المصاب به منبوذاً مخيفاً يتدافع البشر ويتراكضون من حوله مبتعدين عنه كأنه أصبح به وحشٌ مفترسٌ لا سبيل للخلاص منه إلا بقتله . ولكن السؤال الهام : هل تجيز الشرائع قتل هذا الإنسان المصاب خوفاً من الوباء الذي يمكن أن يسببه ؟ وهل كل المصابين به زناة ؟ طبعاً لا , فقد ينتقل من الآباء إلى الأطفال الأبرياء وقد ينتقل إلى المرضى عن طريق نقل الدم وإلى من يقوم بخدمتهم إذا لم تتبع سبل الوقاية الكافية .
ولكن أصل الداء يبقى من الزنى المحرمة من كافة الشرائع السماوية ومن الفحشاء والمنكر, ولا سبيل للخلاص منه واستئصال شأفته إلا بالوقاية من الوقوع به باجتناب الزنى والفحشاء والمنكرات وتحريمها ومعاقبة كل من يقترفها ولا خلاص لنا إلا بالعودة للجلد والرجم دون رأفة .
وكذلك يجب عزل المصابين به عن المجتمع وإتباع حكم الله في ذلك : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) .
كما يجب تحريم النسل على هؤلاء المصابين لاحتمال انتقال هذا الداء إلى ذريتهم من بعدهم , وما يترتب على ذلك من ضحايا جديدة ومستقبل مظلم للبشرية . ولا بد أن تخجل ضمائر الذين ينادون بالإنسانية وبإسمها يعيبون على الإسلام حكم الجلد والرجم وقطع اليد وغيرها من الأحكام الهامة , إن هؤلاء أصحاب نفوس مريضة جشعة غير مسؤولة .
وفي ذلك قال السيد المسيح كلمات مأثورة : ( وإذا دعتك يدك اليمنى إلى الخطيئة فاقطعها وألقها عنك فلأن تفقد عضواً من أعضائك خيرٌ لك من أن يذهب جسدك كله إلى جهنم ) ! .
د . هدى برهان طحلاوي
تعليق على تعليقكم مع الشكر والتحية
__________________________________________________
بالتأكيد أن هذا النقاش لا يمس بشخص الدكتورة هدى التي اقر بوقارها و أخلاقها و حسن ممارستها لمهنة الطب
و لو كان كل أطباء بلدنا و كل مرضانا بنفس أخلاقها و صدقها لكان الطب و البلد بأحسن خير.
هدفي من هذا النقاش فقط أن لا نحتمي بهذه القيم و الأخلاق لوحدها من اجل الوقاية من مرض قد يكون قاتل. عندما أقول فقط، لا اقصد التخلي عن هذه القيم و الأخلاق.
أكرر ما ذكرته أعلاه: يقول علم الوبائيات، أن أي طريقة وقائية حتى يكون لها دور و فائدة بالتحديد من انتشار مرض معدي يجب أن يطبقها على الأقل 70% من الأشخاص المعرضين، سواءً أكانت هذه الطريقة
= التزام بالأخلاق و العفة للتحديد من انتشار الأمراض المعدية جنسيا
= اللقاح ضد سرطان عنق الرحم.
سواءً أطبقنا الطريقة الأولى أم الطريقة الثانية فلا فائدة منها أن لم تشمل على الأقل 70% من الأشخاص المعرضين.
فهل يا ترى يتمسك على الأقل 70% من الجيل بالعفة ؟ لأنه بالفعل، لو التزم كل رجل بامرأة واحدة طوال عمره و لو التزمت هذه المرآة بنفس الرجل طوال عمرها ـ و هذا يقضي بإلغاء الطلاق ـ لاندثرت الأمراض المعدية جنسيا.
لؤي خدام
اليكم حق الرد الذي ترغب الدكتورة هدى بنشره...
يريد البعض أن يجرد الطبيب من صفة الدين وصفة الأخلاق ويقولون هكذا العلم الصحيح بالابتعاد عن هذين الصفتين لأن العلم يبيح المحظورات ويحتاج للتحرر من هذين الصفتين حتى يستمر في التقدم والاكتشافات وتجاربه على البشر وغيرهم .
ولكن الحقيقة أن الطبيب لا قيمة لعلمه كله دون أخلاق ودون خوف من الله لأن الأخلاق الحسنة هي التي تكمل صفاته ليكون حكيماً والخوف من الله يمنعه من ارتكاب الجرائم بحق الإنسانية ومن ارتكاب المحظورات بحق مرضاه فمثلاً طبيب تأتيه مريضة شابة تعاني من مرض نفسي فيدخلها الطبيب لوحدها إلى غرفة عيادته وتنتظرها والدتها في الخارج بناء على أوامر الطبيب وفي غرفته يحاول أن يتحرش بها بفعل فاحش بحجة أنه سيعالجها وهي بحاجة لاسترخاء كامل حتى ترتاح نفسيتها وعندما تمادى الطبيب في عمله هذا انتفضت المريضة وقالت لا أريد العلاج إنك تفعل الرذيلة بحجة
العلاج وصرخت بوجهه وخرجت من غرفته وعندما علمت أمها بالأمر قال لها الطبيب إنها مريضة نفسياً وتتوهم هذا فهل يصح مثل هذا الطبيب لنمنحه ثقتنا في العلاج ونسلمه بناتنا للنصح والإرشاد .
وما بالكم بالأطباء الذين يشرفون على عمليات معالجة العقم وأطفال الأنابيب إذا كانوا لا يخافون الله ويلقحون بيضة الوالدة بنطفة غريبة ليست للزوج وتم الحمل وجاء مولود ليس من صلب أبيه أو بالعكس يلقحون البيضة الغريبة من امرأة أخرى من نطفة الزوج السليم بدون علم الأهل أي يكذبون على الوالدين حتى تنجح عملياتهم وتزداد شهرتهم وهل يرضى أحدنا بهذا الغش والكذب ؟ وهل نثق به لنرسل له مريضاتنا العقيمات ليضيع النسب وتضيع الوراثة وما تجره من ويلات على الأجيال الجديدة المشكوك بنسبها وأولها تخلي والديها عنها وحرمانها من حنانهما معاً ورعايتهما
بحجة أنها ليست من أصلابهما .......
وكم من طبيب أجرى عملاً جراحياً لا ضرورة له للكسب المادي فقط دون النظر إلى ضرر المريض أو سلامته منه لأن أخلاقه ودينه لم يمنعاه من هذا الطمع .
وعلم الطب وحده لا يعلم الإنسان التربية والأخلاق والدين ومن لم يتربى في بيته ومدرسته وبيوت الدين يبقى طبيباً مادياً لا يفكر إلا بما يدر عليه علمه وعمله ويبتعد عن الإنسانية بما تحمله من صفات الرحمة والصدق والأمانة وكذلك العدل والمساواة اللذان لا يخلو دين سماوي من الحض عليهم وعلى مكارم الأخلاق .
من قال أن الطبيب ذو الأخلاق الحسنة والدين القويم لا يستطيع التقدم بهما فهو خاطئ لأنهما لا يتعارضان أبداً بوجودهما مع علم الطب بكل أشكاله حتى علم التجميل فقد يحرم الدين تغيير الشكل الذي لا ضرورة لتغييره إذا كان لا يحمل قبحاً ولكن لا يحرم إصلاح التشوهات المعيبة التي تؤثر على نفسية المصاب بها كالاعوجاج في الأنف مثلاً أو تشوهات الحروق أو التجاعيد التي تغزو الجلد وتؤثر على حياة صاحبها ويمكن إصلاحها دون ضرر الخ .....
والقاعدة العامة المتبعة في الدين أن الضرورات تبيح المحظورات ولكن يجب الصدق والصراحة من الطبيب وعدم الغش والخداع طمعاً بالكسب المادي أو غيره .
وكذلك الدين الصحيح يمنع الطبيب من التمييز والتفرقة بين المرضى مهما كانت طبقتهم الاجتماعية أو عمرهم أو دينهم أو عرقهم فكلهم سواسية أمامه ومن واجبه الاهتمام بهم جميعاً.
قد يعمل أحد الأطباء المجردين من الدين والأخلاق في الوهلة الأولى لجهل الناس وانجذابهم للدعاية والإعلان التابعين له ولكن سرعان ما ينهار صرحه العملي ويتراجع عمله متى عرفه الناس وفقدوا ثقتهم به وهيهات أن تعود مثل هذه الثقة التي لا تشترى بالمال أو بكنوز الأرض جميعاً ولا يمكن إرغام الناس عليها والخيار موجود أمام الجميع ليمنحوا ثقتهم لمن يشاءون .