سنركز هنا بشكل خاص على عنق الرحم. هو الجزء المخروطي من الرحم الذي ينتأ في جوف المهبل. و يتميز بفتحته التي يخرج منها دم الطمث و تدخل منها النطاف لكي تسبب الألقاح و الحمل.
الصورة الأولى عند سيدة بسن النشاط التناسلي و بفترة الأباضة
نرى بها كيف أن عنق الرحم يتركب من طبقة عضلية و يغطيها بطانة تأخذ بنائين مختلفين:
1ـ البطانة الغدية و التي تتوضع داخل قناة عنق الرحم و تتواصل مع بطانة الرحم بالداخل
2ـ البطانة الملبيغية وتغطيه من الخارج، و هي بطانة ملساء تشبه الجلد.
منطقة الوصل Zone de jonction بين البطانتين لها أهمية كبيرة بنمو الأفات السرطانية بعنق الرحم. اذ أنها تشكل نقطة الضعف التي يخترق عن طريقها فيروس الـ HPV بطانة عنق الرحم و يسبب الأعتلالات الماقبل سرطانية كما سنرى لاحقاُ..
بالحالة العادية تتوضع منطقة الوصل بين البشرتين تماما عند حدود فتحة عنق الرحم.
التبدلات الفيزيولوجية لعنق الرحم:
يلاحظ على عنق الرحم تبدلات طبيعية ببنائه التشريحي. هذه التبدلات تعطي لفيروس البابيلوما المكان اللازم لكي ينمو ويتطور ويعطي الآفة السرطانية.
سنشرح هذه التطورات، ومن البداية نقول مرة أخرى أنها تطورات طبيعية لا تتطلب أي علاج جراحي سوى في الحالات النادرة وعلى العكس من النظريات القديمة التي كانت تقترح وسائل مختلفة لعلاجها من الكي بالكهرباء، إلى التدمير باللازر، إلى العلاج الجراحي.
مع التقدم الطبي تبين أن هذه العلاجات لا ضرورة لها ولا فائدة منها، ما يستحق العلاج هو فقط الآفات ما قبل سرطانية والتي سنعود لها لاحقا.
ما هي هذه التغيرات الفيزيولوجية التي لا تحتاج لأي علاج:
1 ـ ظاهرة الأكتروبيون ، ويسمى بالعربي الشتر ECTROPION
كلمة أكتروبون تعني أنقلاب، و تنتج هذه الظاهرة الطبيعية عن خروج البشرة الغدية و التي توجد عادة داخل قناة العنق، تنقلب و تخرج لكي تغطي السطح الخارجي لعنق الرحم.
سبب هذا الخروج غير معروف وتمكن ملاحظته عند غالبية النساء، ربما لعب النشاط الهرموني أو الحمل دورا فيه.
نادرا ما تشكل هذه الظاهرة سببا لعوارض صحية فما عدا بعض التهابات مهبلية أو نزوف نتيجة هشاشة هذه البشرة.
يأخذ معها عنق الرحم شكلا خاص كما نرى بالصورة التالية
2ـ ظاهرة الإصلاح الطبيعي METAPLASIE
لكون البشرة الغدية هشّة لا تتحمل حموضة المهبل يقوم الجسم بإصلاحها، و يغطيها من جديد ببشرة ملبيغية تسمى البشرة الميتابلاززية.
هذه الظاهرة تحدث بآليتين:
ـ امتداد البشرة الملبيغية الباقية نحو المركز لتغطي الطبقة الغدية التي شكلت الأكتروبون
ولادة طبقة مالبيغية جديدة بالمكان
استمرار الطبقة الغدية تحت البشرة الملبيغية الجديدة قد يعطي لعنق الرحم منظرا متبدلا، و لكنه يبقي أمر و ظاهرة طبيعية و تسمى البشرة بهذه الحالة البشرة الميتابلازية أي المتجددة.
أنحباس الطبقة الغدية تحت الطبقة المالبيغية المتجدد لا يعني أنها توقفت عن العمل. بل تتابع نشاطها و تفرغ مفرزاتها من خلال الطبقة الملبيغية الجديدة. فوهات هذه الغدد يمكن رؤيتها عند أجراء تنظير عنق الرحم كما سنرى فيما بعد. و نرها بالرسمة أعلاه و قد أشير اليها بالأحرف O3, O4 .
أحيانا تنسد فوها هذه الغدد فتتجمع المفرزات خلفها و تسبب تشكل كيسة ذات محتوى مخاطي على عنق الرحم يسمى كيسة نابوت، أشير اليها بالصورة أعلاه بحرف M
هذه الصورة لعنق الرحم تظهر بوضوح ظاهرة الأصلاح Métapalsie
قد تصاب ظواهر التحولات هذه بأنتان خلال فترة تطورها. بفطور أو جراثيم