المقدمة
مستجدات طبية
الحمل و مشاكل الولادة
صحة عامة
أمراض الأطفال
مواضيع بالأمراض الداخلية
الجهاز التناسلي المذكر
أراء طبية حرة
مخطط الموقع
باب أراء طبية حرة - الصفحة (9) - صحة - طب عام
الدواء: سم زعاف أم شفاء ؟
د . هدى برهان طحلاوي
الدواء: سم زعاف أم شفاء ؟ إن التقدم الكبير الذي طرأ على علوم الطب والصيدلة في القرن الأخير واكبه صناعة مستحضرات دوائية لا حصر لها وكل مستحضر دوائي له عدة أسماء تجارية بأشكال وألوان مختلفة حسب الشركة المصنعة له. وسهولة الحصول على بعض الأدوية من الصيدليات طرح أمامنا مشكلة التوعية والتثقيف عن الدواء فوائده وأضراره. فالدواء كثيراً ما يشبه بالسلاح ذو الحدين. الحد الأول فيه الشفاء والفائدة لمرضٍ ما والحد الآخر فيه الضرر والسم لعضو من أعضاء الجسم أو لعدة أعضاء معاً. فالأسبرين مثلاً الذي يسمى علمياً حمض الخل الصفصافي له فوائد عديدة في تسكين الألم وخفض الحرارة والتأثير المضاد للرثية والتأثير الطارح لحمض البول وتمييع الدم والمضاد للالتهاب، فبالإضافة لهذه الفوائد توجد له ما يسمى بالتأثيرات الجانبية السمية التي تصيب البشر بدرجات مختلفة منها مثلاً: ـ ارتكاسات تحسسية شديدة من النموذج الربوي أو الكظري خطرة للغاية، ولكن لحسن الحظ قليلة الحدوث. ـ ومنها حالات متفاوتة من تخريش لبطانة المعدة والأثنى عشري تتراوح بين التهاب معدة تخريشي دوائي بسيط إلى قرحة هضمية نازفة شديدة قد تودي بحياة بعض المرضى، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وكل دواء قبل طرحه في الأسواق لا بد أن يخضع للتجارب والأبحاث لدراسة تأثيره المفيد والضار معاً وغالباً ما تبدأ هذه التجارب بحيوانات المخبر أولاً كالفئران والأرانب والقردة ثم تنتهي بتجربته على أشخاص متطوعين إذا ظهرت سلامته على الحيوان، ورغم هذه التجارب نلاحظ بين فترة وأخرى عدم جدواها أحياناً إذ يوقف استعمال دواء ما بعد أشهر أو سنوات من استعماله من قبل البشر عندما يتبين بالإحصاء الواسع والملاحظة فيما بعد ضرره الذي لا يمكن الغفلة عنه عند عدد لا بأس به من الأشخاص. هذا بالإضافة إلى وجود شركات أجنبية يمنع استعمال دواءها ذو الأثر الضار في بلادها ولكن يسمح لها بتصديره إلى بلاد أخرى كدول العالم الثالث كما حدث في مانع الحمل المركب من البروجسترون المديد ( دوبوبروفيرا ) وهو الإبرة العضلية التي تمنع الحمل ثلاثة أشهر إذ تبين أنها تثبط المبيض تثبيطاً شديداً قد يكون لفترة طويلة أو دائمة فتؤدي إلى العقم غير المرغوب فيه بعد إيقاف مانع الحمل هذا. والأمثلة الأخرى كثيرة عن عدة أدوية أوقف استعمالها لملاحظة تأثيرها المسرطن أو المضعف للمناعة عند العديد من الأشخاص الذين كانوا الضحية قبل إيقاف مثل هذه الأدوية. لذا يمكن التخمين بالقياس أنه ما زال هناك أدوية كثيرة قيد المراقبة والتجربة يمكن أن يتوقف استعمالها وتمنع في الأيام القادمة.أما التأثيرات الدوائية الضارة في حالات خاصة فلا بد من التنويه إليها وهي: 1 . أدوية مشوهة للجنين أثناء الأشهر الثلاث الأولى من الحمل نذكر منها التاليدوميد الذي نتج عن تعاطي الحوامل له أولاد مشوهين تشوهات كبيرة، ومنها مضادات الصرع والملاريا والأسبرين وموانع الحمل الفموية وبعض مضادات الجراثيم .2. أدوية تؤدي لآثار ضارة في الجنين بعد الشهر الثالث من الحمل نذكر منها التتراسيكلين الذي يحدث اصفرار الأسنان اللبنية أو الدائمة حسب الفترة التي أخذت فيها الأم الدواء ومنها الأدوية التي تخرب العصب السمعي كالكانامايسين والجنتامايسين .3. أدوية تؤدي لآثار ضارة في الوليد إذا أعطيت للأم قبيل الولادة بقليل نذكر منها الأسبرين الذي يعرض الوليد للنزف والمنومات والمركبات التي قد تثبط تنفس الوليد وغيرها .4. أدوية قد تؤثر في المخاض كالأسبرين والإندوميتاسين إذ تزداد بهما فترة المخاض زيادة غير مرغوب بها .5. أدوية تضر الحامل نفسها أثناء الحمل كالتتراسيكلين إذا أخذ بجرعات كبيرة فإنه يؤدي إلى تخرب كبد الحامل، أما المسكنات المخدرة فهي تؤدي لركودة معدية تزيد من خطر حدوث ذات رئة استنشاقية عند الأم خلال المخاض .6. أدوية تفرز مع الحليب وتضر الرضيع كالغول بكميات كبيرة واليوديات كأدوية السعال التي تحوي اليود والتي قد تسبب قصور درق وسلعة درقية عند الوليد وغيرها 7. الأدوية السامة للسمع ونذكر منها بعض مضادات الجراثيم كالجنتامايسين والستريبتومايسين بالإضافة إلى المدرات والساليسيلات ومضادات الملاريا .8. أدوية محدثة لارتكاسات جلدية تبدو كأنها مرض جلدي نذكر منها : البنسللين والمسكنات والمهدئات والمدرات ومضادات الاختلاج والصرع وأدوية الدرق والساليسيلات والسلفاميدات وغيرها .9. الأدوية التي يحتمل أن تحدث صدمة تأقية ( تحسسية ) شديدة قد تودي بحياة المريض ومنها حقن البنسللين وحقن المصول المضادة للكزاز والديفتيريا وعضة الأفعى، فبعد اكتشاف البنسللين وفي غمرة الفرح بهذا الاكتشاف العظيم للقضاء على الجراثيم ذهب العديد من الضحايا من هذه الصدمة الشديدة قبل الانتباه لمثل هذا الأمر وتلافيه. وهناك حالات المشاركة الدوائية أي تعاطي أكثر من دواء ولا بد من إيضاح ما يحدث للعضوية وللأدوية مع بعضها البعض إذا اجتمعت معاً في جسم الإنسان: _ بعض الأدوية يفقد تأثيره بالمشاركة فمثلاً إذا أخذت أملاح الحديد مع التتراسيكلين تتحد مع بعضها البعض مشكلة مركب غير قابل للامتصاص. _ بعض الأدوية ينقص مفعولها بهذه المشاركة فمثلاً مضادات الحموضة تنقص امتصاص التتراسيكلين والديجوكسين وبعض المسكنات. _ الأدوية الخافضة للضغط يتعاكس مفعولها إذا أخذت مع مانعات الحمل الفموية أو الكورتيزون أو مسكن مضاد للإلتهاب مثل الإندوميتاسين. _ الأمبيسيللين بمشاركته مع الجنتامايسين يحدث تآزر بينهما أي يزداد مفعولهما، بينما إذا شاركنا الأمبيسيللين مع الكلور أمفينيكول يحدث تنافر بينهما وينقص مفعول الدوائين. وهناك أيضاً جرعة الدواء التي يجب تحديدها حسب نوع المرض وشدته وعمر المريض ووزنه مع مراعاة اختلاف الارتكاس في التأثير الدوائي بين شخص وآخر، وكذلك المدة التي يجب أن تحدد لتناول هذا الدواء فلكل دواء جرعة مناسبة للشفاء وجرعة سمية قاتلة لنفس هذا الدواء وهي تقتل إما نتيجة الانتحار أو نتيجة تناول الدواء بشكل خاطئ، وبين هاتين الجرعتين يتعرض الشخص لحالات تسمم دوائي مختلف الشدة. وهكذا يجب الحرص والحذر الشديدين عند استعمال أي دواء فأولاً قبل كل شيء يجب عدم تعاطي أي دواء قبل استشارة الطبيب. وإذا ظهرت الآثار الجانبية الضارة أثناء استعمال هذا الدواء يجب إيقافه فوراً ومراجعة الطبيب صاحب الوصفة الذي يقرر وجوب إيقافه واستبداله بغيره أو تعديل جرعته حسب الحالة. كما أنه من الضروري إعلام الطبيب عن أي دواء يتعاطاه المريض ولو كان موصوفاً من قبل طبيب آخر حتى يشرك الدواء المناسب بالجرعة المناسبة ويؤدي النتيجة المرجوة منه. وأخيراً من الجدير بالذكر حفظ الأدوية في المنزل بأماكن محكمة الإغلاق بعيدة عن متناول أيدي الأطفال المعرضين كثيراً للتسمم بها نتيجة الإهمال أو الخطأ أو حب الصغار لتقليد الكبار بتناول الأدوية المغرية بألوانها وأشكالها وطعمها, وأن تزداد الرقابة على بيع الدواء بحيث لا يسلم للمستهلك إلا بوصفة طبيب مهما كان نوعه. وآخراً يجب أن نعتبر الدواء سماً يحمل الشفاء أحياناً إذا وصف بحكمة الطبيب بالجرعة والمدة المحددة بعد أن يرجح الطبيب كفة الشفاء والفائدة على كفة الضرر والسم، والهدف الأسمى الذي يتوجه إليه الطبيب هو حياة المريض والحفاظ على صحته ورفع الأذى والضرر عنه مستقبلاً فلا نبذل جهدنا لسد ثغرة صغيرة في جدار سد ضعيف يمكن أن يهوي ويفتح فيه هوة واسعة تذهب بكل ما احتفظ به. د . هدى برهان طحلاوي _________________________ فهرس مواضيع الدكتورة هدى برهان طحلاوي
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu