المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة، حكايات طبية
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب من التراث العربي - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
الأستاذ عمر فوزي أفندي النجاري
د. عمر فوزي نجاري
الأستاذ عمر فوزي أفندي النجاري (1894م-1989م) في أواسط عشرينيات القرن الماضي، و خلال فترة الاحتلال الفرنسي لسورية، تكللت جهود الأستاذ عمر فوزي بن سليم آغا النجاري، الملقب بـ( عمر أفندي)، بالنجاح عندما تمكن من افتتاح أول مدرسة نظامية في بلدة جسر الشغور تعتمد طرق التعليم الحديثة، منهياً بذلك عصوراً طويلة مما كان يُعرف بالكتاتيب وبيوت تعليم القراءة المحدودة، وقد تولى بنفسه إدارتها والتعليم فيها على مدى أربعة عقود من الزمن –تخللها انتقاله إلى التعليم في مدينة جرابلس شمال حلب لفترة محدودة- فكان له أثراً عظيماً في تشر العلم والمعرفة في بلدة جسر الشغور و منطقتها، حيث تخرج على يديه و في مدرسته مثقفو ومتعلمو جسر الشغور ممن أبدع في مجالات العلم والأدب والطب أواسط القرن العشرين المنصرم. قال عنه سمير المنذر- وهو من طلابه- : يُعَدّ (الأستاذ عمر أفندي النجاري) أول المجددين في بلدته وعشيرته، و أول من نال شهادة الثانوية في منطقة جسر الشغور، ويذكر الأستاذ سمير، أنّ والده أيضاً قد تتلمذ على يد الأستاذ عمر افندي، وكان ذلك حوالي العام 1930م. و أمّا الدكتور محمد أديب بطل فلا يزال يذكر فضل الأستاذ (عمر أفندي) عليه وعلى والده أيضاً، إذ يقول عنه: (هو من عمالقة الفكر والأخلاق العالية والعلم والرجولة، هو قيمة علمية رائعة و ذكرى لا تنسى في مدينة جسر الشغور، هو معلم ومربٍ بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، كان استاذاً لوالدي و مديراً لمدرستي حتى أواخر ايامه رحمه الله). كان الإقبال على مدرسة(عمر أفندي) شديداً وتخرج فيها الكثير والكثير من المثقفين والمتنورين، محققة أهدافها في تطوير الفكر والعقل و في نهضة المجتمع والأمة. تخرج في هذه المدرسة، رجالٌ مشاهير، ممن أثرى الساحتين العلمية والأدبية في منطقة جسر الشغور و ما يحيط بها، و كانوا طليعة مثقفي المنطقة ممن امتد تأثيره ليشمل كامل سورية و بلاد الشام. و غالباً ما تابع خريجوها دراساتهم العليا في حلب وأوروبا ليعودوا ويتسلموا مقاليد و زمام إدارات مؤسسات الدولة والمجتمع المدني أواسط خمسينيات القرن العشرين الماضي وما تلاه. و يذكر ممن تتلمذ على يديه: الأستاذ الدكتور عبد الكريم شحادة، استاذ الأمراض الجلدية في جامعة حلب و مؤسس الجمعية السورية لأمراض الجلد والذي شغل منصب أمين عام رابطة اتحاد أطباء الجلد العرب، وهو مؤسس الجمعية السورية لتاريخ العلوم عند العرب. و منهم أيضاً الأستاذ الدكتور زياد درويش، أستاذ الطب الشرعي في جامعة دمشق في سبعينيات القرن الماضي، و عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق مطلع ثمانينات القرن العشرين المنصرم. والدكتور إبراهيم بحرو استاذ أمراض الأذن والأنف والحنجرة والذي شغل منصب نقيب أطباء اللاذقية أواخر سبعينيات القرن العشرين. والدكتور عبد القادر بحرو رئيس قسم الأمراض الجلدية في المشفى الوطني في اللاذقية منذ سبعينيات القرن العشرين الماضي وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين. والدكتور عبد القادر فقفوقة رئيس قسم جراحة الأطفال في المشفى الوطني في اللاذقية منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحالي. والدكتور الصيدلي محمد كمال شحادة، والدكتور محمد يحيى عاصي، والمحامي عبد الحليم عاصي، والدكتور محمد أديب بطل أمين سر الجمعية السورية لطب الجلد لسنوات عديدة، وغيرهم كثر. استطاع هذا الرجل العملاق (الأستاذ عمر أفندي النجاري) أن يحقق إنجازات كبيرة في شتى مناحي الحياة الثقافية والفكرية والعلمية. الأستاذ عمر فوزي افندي النجاري-عندما كان طالبا في المدرسة السلطانية بحلب 1910م. كان المرحوم الأستاذ(عمر أفندي النجاري) و منذ طفولته ميالاً للعلم والمعرفة، إذ يُذكر عنه أنّه لطالما كان يحتضن الأقلام والكتب والقراطيس، ولمّا يتجاوز سن اليفع بعد. وقد ذكر لي-رحمه الله- كيف بدأ حياته التعليمية منذ نعومة أظفاره في مدينة حلب، حيث لم يكن في جسر الشغور مدرسة بعد، وأنّ ذلك قد تمّ بالتوافق بين والده (سليم آغا النجاري) والذي كان يُعدُّ من أبرز زعماء المنطقة الشمالية في سوريا أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وبين (سرّي بيك) أحد كبار الضباط الأتراك المقيمين في حلب، والذي تربطه مع (سليم آغا) أواصر صداقة ومودة، حيث تعهّد (سري بيك) ابن صديقه (سليم آغا) الطفل (عمر) بالرعاية والاهتمام خلال دراسته في حلب، فكان تحت وصايته ورعايته حيث تربّى مع أسرته كفرد من أفرادها، إلى أن أتمّ دراسته الثانوية في المدرسة السلطانية وتخرج فيها، كان ذلك مطلع عام 1914م، ومن ثمّ ساعده الضابط (سري بيك) في الانتقال إلى عاصمة الخلافة (الاستانة:استانبول)، ليتابع دراسته العليا وتحصيله العلمي الواسع و ليتفوق على أقرانه الطلاب بما فيهم الأتراك في مختلف العلوم الرياضية والجغرافية والتاريخية والأدبية بما فيها اللغات التركية والفارسية والعربية، لدرجة أطلق عليه زملاؤه في الدراسة لقب(فوزي) إكراما لتفوقه عليهم، و منذ ذلك الوقت بدأ يّعرف باسم (عمر فوزي). و مع اندلاع الحرب العالمية الأولى أواخر تموز عام 1914م واشتداد أوارها فيما بعد، كان على الأستاذ (عمر أفندي) الالتحاق بالجيش العثماني برتبة ضابط في استانبول. وفي شتاء عام 1915م، وكانت الحرب لا تزال في أوجها، بلغه نبأ وفاة والده المغفور له بإذن الله(سليم آغا النجاري) في مدينة حلب حيث دفن فيها في ذات المقبرة التي دفن فيها فيما بعد إبراهيم هنانو و سعد الله الجابري، و ليتولى عبد الحسيب بن النعسان آغا النجاري –وهو ابن عم عمر فوزي أفندي- زعامة العشيرة والعائلة. سليم آغا النجاري –متوسطا الصورة- ويحيط به بعض من أبناء عشيرته-1910م و ما إن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها في تشرين الثاني عام 1918م، وخروج العثمانيين من سورية، و مع دخول طلائع قوات الأمير فيصل بن الشريف حسين بن علي إلى دمشق، حتى سارع الأمير فيصل بزيارة مدينة حلب، وكان ذلك في 11 تشرين الثاني عام 1918م، و من ثم سارع إلى توجيه كتب إلى الزعامات السورية ذات التأثير العشائري في بلاد الشام و منها كتابه الموجه إلى عبد الحسيب آغا النجاري زاده، والذي منحه فيه لقب قائد فخري لجيش المنطقة الشمالية، وكان ذلك في 17 تشرين الأول عام 1919م المصادف لـ 22محرم 1338هـ. صورة عن الكتاب الموجه من ديوان الأمير فيصل بن الشريف حسين بن علي إلى عبد الحسيب آغا النجاري في 17 تشرين الأول عام 1919م وفي السادس من آذار عام1920م ألقى الملك فيصل بياناً في النادي العربي بدمشق، وفي الثامن من آذار تمت مبايعته ملكاً على بلاد الشام، مما أثار حفيظة الفرنسيين الذين سارعوا إلى إنزال جنودهم على سواحل بلاد الشام. في خضم هذه الأحداث المتسارعة، كان على الأستاذ (عمر فوزي أفندي النجاري) أن يأخذ دوره الذي هيأه الله تعالى له، فقد ساهم تحصيله العلمي العالي في الاستانة(استانبول) و تأثره بأفكار كبار رجال الفكر والاصلاح الاجتماعي والديني في عصره، وعلمه الغزير و وعيه المميز، و مشاركته في الحرب العالمية الأولى، في ارتقاء تفكيره وإدراكه لخطورة ما يجري في العالم آنذاك و وقع ذلك على المنطقة العربية بأكملها، ممّا ولدّ لديه شعوراً و رغبة ملحة في أن يأخذ دوره في إطلاق بذور الوعي ونشرها بين أبناء النشء والجيل الجديد. من يتصوّر أنّ شاباً يمتلك كل مقومات العيش الرغيد والرفاهية، و ذو علاقات جيدة مع الضابط التركي الكبير (سرّي بيك) والمقيم في الاستانة (استانبول) والذي عرض عليه أن يزوجه من ابنته وأن يسلمه من المناصب الرفيعة ما تصبو إليه نفوس كبار الضباط ، وأن يقيم معه في استانبول عاصمة الخلافة الاسلامية آنذاك. من يتصّور أن شاباً تُعرض عليه مثل هذ الإغراءات، ولا يلقي لها بالاً، بل يعتذر ممن تعهده بالرعاية والاهتمام شاكرا فضله الذي لا ينسى، وقد اتخذ قراره بالعودة إلى بلدته جسر الشغور ليأخذ مكانه الطبيعي ودوره المأمول في إنارة الوعي ونشر المعرفة والسعي الحثيث لإنشاء مدرسة تربوية تعليمية تعتمد طرائق التدريس الحديثة. منزل سليم آغا النجاري-حيث ولد عمر فوزي أفندي عام 1894م في أواسط عشرينيات القرن العشرين، وخلال فترة الانتداب الفرنسي على سورية، تكللت جهود الأستاذ(عمر فوزي) بالنجاح من خلال افتتاحه لأول مدرسة تعتمد الطريقة الحديثة في التدريس، فكان هو مديرها وهو المعلم فيها، لينشر من خلالها العلم والثقافة، حالماً بتحقيق نهضة بلده وأمتّه. موقف خطابي للأستاذ عمر فوزي أفندي النجاري أمام فرقة كشافة فيصل عام 1938م كلما فكرت في حياة هذا العلم البارز اصابتني الدهشة، فخلال حياته الطويلة والتي امتدت قرابة قرن من الزمان، لم يكن يلهث أو يركض أو يسعى وراء أي منصب سياسي أو حكومي، وإن كانت قد عُرِضت عليه نظراً لمكانته العلمية والفكرية، ولانتمائه العشائري والأسري والطبقي. إلاّ أنّه كان ينأى بجانبه عن ذلك، وقد كرّس حياته وعلمه لأبناء منطقته جسر الشغور. و كان مما عرض عليه ورفضه في أربعينيات القرن الماضي، وعقب إنشاء دولة اسرائيل، التدريس في الجامعة العبرية في القدس، وكان هذا العرض قد جاءه من صديق يهودي له، كان يُدرسّ معه في مدرسة جرابلس شمال حلب، وكان قد هاجر إلى إسرائيل مع من هاجر من يهود بلاد الشام و عُيّن أستاذا في الجامعة العبرية. اتسمت أفكار الأستاذ( عمر فوزي أفندي )بالحكمة والتجربة الحياتية العميقة، فكانت آراؤه سديدة ورؤيته جلية واضحة دون تطرف أو التباس أو غموض، لذلك كثيراً ما كان يُلجأ للاستنارة بآرائه الموضوعية وفضائله الاجتماعية، فكان بحق من الرجال الأشداء الذين ساهموا في نهضة بلاد الشام عامة ومنطقة جسر الشغور بخاصة خلال النصف الأول من القرن العشرين المنصرم، دون أن تكون لهم مآرب شخصية أو منافع ذاتية. كان -رحمه الله- سمح الطلعة، متهلل الوجه، مع اتصاف بالهدوء والرزانة، ملامحه تعبر عن ذكاء و فراسة، وكان إذا تحدث تحدّث بصوت خفيض بحيث لا يكاد يُسمع، وكان ذا نفس رضية وصدر رحب، لم أره يوماً من الأيام غاضباً، هو من الشخصيات التي لا تنسى لخفة روحه وبسمة ثغره، استطاع أن يحفر اسمه بحروف من نور في تاريخ منطقة جسر الشغور، إذ لا يمكن أن يُكتب عن تاريخ المنطقة و أعلامها دون أن يُذكر اسمه وتذكر فضائله. ظلّ الأستاذ (عمر فوزي أفندي) حتى أُخريات ايامه وفياً لمن كان له الفضل الأول- من بعد الله سبحانه وتعالى- لتعليمه وتدريسه وتربيته، الضابط التركي الكبير(سرّي بيك) إذ لطالما كان لسانه يلهج بالدعاء له والثناء عليه، وقد عبّر عن ذلك من خلال إطلاق اسم( سليم سرّي ) على أكبر ابنائه الذكور تيمناً وإكراماً لكل من والده المرحوم بإذن الله(سليم آغا النجاري) ولمربيه وصاحب الفضل عليه الضابط التركي الكبير (سّري بيك) فكان أن جمع الاسمين في اسم واحد، عرفاناً بالجميل وحفظاً لمودة دامت عقودا وسنوات طوال. صورة تجمع الأستاذ عمر فوزي أفندي النجاري مع أكبر ابنائه الذكور سليم سري وحفيده عمر فوزي –الصورة تعود لتشرين الثاني عام 1957م كان رحيله-رحمه الله- في يوم الاثنين للثاني عشر خلون من شهر حزيران لعام 1989م، عن عمر ناهز الخامسة والتسعين عاماً، وقد بكته جسر الشغور، كما بكاه طلابه الذين درّس لهم ومنحهم حرية الفكر وأنار لهم درب العلم والمعرفة، وعلمّهم دروس الوطنية والولاء للوطن والأمة. لا شك أنّ ما ذكرته عنه لا يعدو كونه بعضاً من جوانب حياته المليئة بالعطاء، جوانب ٌ قد أكون أغفلت منها الشيء الكثير. هذا هو الأستاذ عمر فوزي أفندي النجاري رحمه الله واسكنه فسيح جنانه، رجلٌ لا ينسى في منطقة جسر الشغور. _________________________ فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري
تعليقــــات ( عــددها - 1 - ) ...
1 - رحمك الله يا جدي واسكنك فسيح جناته
سليم / تركيا / Wed, 14 Sep 2016 12:14:30
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu