المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة، حكايات طبية
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
منوعات
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب في رثاء الراحلين - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
في رثاء الحاج مصطفى محمد سراج
د. عمر فوزي نجاري
في رثاء الحاج مصطفى محمد سراج كان كبيراً منذ طفولته، وصار مثلاً يُحتذى به، من أقواله المأثورة: (الدنيا عالمٌ غريب، والبشر أغرب ما فيها). إنّه الحاج مصطفى محمد سراج، رحمه الله وطيّب ثراه. عرفه أهل اللاذقية على مدى عقود من الزمن، فكان من حكمائها الذين تُرجع إليهم الأمور، وبهم يُقتدى، إذ كان ممن يؤخذ برأيه ومشورته، فقد كان أستاذاً في علم الحياة وفي علم الاجتماع، وفي علم التجارة وفنونها، وفي اللباقة والفلسفة، إذ كثيراً ما كان أهل البلدة و ما جاورها من قرى وبلدات يراجعونه ليأخذوا رايه في أمور كثيرة ومعقدة ، فقد كان ذا مخزون هائل لتجارب الحياة، وكان عليماً بالأمثال الشعبية ضليعاً بها ويحفظها عن ظهر قلب، ويطبقها في حياته اليومية. كان يعامل الناس بكل الاحترام والتقدير، وقد بادله الناس احترامه و تقديره، احتراماً وتقديراً. كان جبلاً شامخاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ، فهو إذا أراد شيئاً كان أعند من ريح عنيدة، ولا بد أن ينال مأربه بالصبر و طول الأناة. أحبَّ الناس فبادلوه حباً بحب، إذ لطالما سعى في حياته إلى زرع السعادة في النفوس وبالأخص دراويش البلدة ومساكينها وفقراءها، لدرجة أطلق عليه لقبُ (أبو الدراويش). لم يعرف الحقد إلى قلبه سبيلاً إذ لم نسمع منه في يوم من الأيام إلاّ جميل الكلام، ولطالما اصمّ أذنيه عن كلام الناس وأوصد عينيه عن ما لا يريد رؤيته!. كان يسير بين الناس تواضعاً كأنّه واحد منهم، و ما هو منهم، كان جلداً صبوراً قليل الكلام، لا يخشى احتضان الريح العابر وإن كان لا سعاً، لأنّه حتماً سيتغلب عليه بصبره و حلمه. كان بابتسامته و صمته الدائمين جوكوندا عصره، تلك الابتسامة البيضاء العميقة التي لم تفارقه حتى بعد الممات!. كان جبلاً شامخاً و رجل أعمال ناجحاً وتاجراً فريداً من نوعه، سبق عصره بعقود من الزمن، فهو أول من أدخل خدمة التسويق وإيصال الطلبات إلى المنازل، وهو صاحب أول وأقدم (مول) عرفته المدينة قبل أن يعرفه الغرب، ففي متجره(الكائن في شارع هنانو، أواسط القرن العشرين المنصرم) تجد كل ما يخطر على بالك و ما لايخطر!. إبداعه في فن التجارة والتسويق و في الصناعة والترويج لها و في البناء والعمران، ليس له مثيل في عصره، ولنا معه حكايات و حكايات، فيها من تجارب الحياة وخبرتها الشيء الكثير... سأرويها لكم يوماً ما. مساء الثلاثاء المصادف 20 ايار لعام 2014م، الموافق لـ21 رجب لعام 1435هـ، ومع آذان المغرب، كان عليه أن يغادر دنيانا الزائلة إلى عالم البقاء والخلود، حيث فارقنا الحاج مصطفى محمد سراج –رحمه الله- عن عمر ناهز 91 عاماً، فغاب بغيابه قمر كنا نهتدي به في حلكة ظلام الدنيا. صلينا عليه في جامع العجان عقب صلاة ظهر يوم الأربعاء 21 أيار 2014م، الموافق 22 رجب 1435هـ، و دفن في مقبرة العائلة في مقبرة الشيخ ضاهر، حيث أُنزلَ على قبر والد جده المرحوم-بإذن الله- عبد الرحمن سراج، المتوفى عام 1913م. حيث دُفنَ إلى جانب والده و والدته، وقريباً من زوجته و جدته، رحمهم الله أجمعين. و برحيله تفجرت دموعنا كينابيع الجبل وقد شقت طريقها عبر أخاديد الوجوه.
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu