المقدمة
مستجدات طبية
الحمل و مشاكل الولادة
صحة عامة
أمراض الأطفال
مواضيع بالأمراض الداخلية
الجهاز التناسلي المذكر
أراء طبية حرة
مخطط الموقع
باب أراء طبية حرة - الصفحة (9) - صحة - طب عام
إذا عجز الدواء عن الشفاء ماذا نفعل ؟
د . هدى برهان طحلاوي
إذا عجز الدواء عن الشفاء ماذا نفعل ؟ إن أصعب حالة طبية إنسانية يواجهها الطبيب هي أن يطلب منه المريض دواءً سمياً قاتلاً يريحه من عذاب مرضه العضال وآلامه التي لم تعد تحتمل ويأسه وقنوطه من الشفاء . ولهذا خاف أبقراط منذ القدم أن تضعف نفس بعض الأطباء فيبررون لأنفسهم هذا العمل الذي لا يجلب على صاحبه إلا الندم وعذاب الضمير، فكان قسم أبقراط واضحاً وصريحاً بأن لا يعطي الطبيب دواءً قتالاً مهما كانت الأسباب . وحرمت الشرائع السماوية الانتحار بكل وسائله، والمريض المؤمن يرده إيمانه عن فكرة الانتحار فالله تعالى قال : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ) , كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قتل نفسه بحديدةٍ فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً فيها أبداً , ومن قتل نفسه بسمٍ فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً , ومن نزل من جبلٍ فقتل نفسه فهو ينزل في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) . وواجب الطبيب تجاه هذا المريض المعذب يحتم عليه أن يخفف عن مريضه آلامه ولو اضطر به الأمر لاستخدام أقوى المسكنات والمهدئات النفسية والعصبية ويخفف عنه يأسه بأن يزرع فيه غرسة الأمل بالشفاء مهما استعصت علته على الدواء فلا يقول له أن داءه لا شفاء منه وأن أيامه محدودة , فالأعمار حقاً بيد الله بل يجب عليه أن يعده ويمنيه بمتابعة آخر الأبحاث العالمية فلربما توصلت في القريب العاجل للدواء الشافي . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم ينزل داءً إلا أنزل له شفاءً , علمه من علمه وجهله من جهله ) . فالأدوية موجودة على الأرض منذ وجود المرض ولكن البشر بأبحاثهم وسعيهم توصلوا لبعضها وما زالوا يعملون في كل أنحاء الأرض لاكتشاف المزيد منها وكل يوم نسمع عن اكتشافات ودراسات جديدة للأمراض ومعالجتها والرجاء معقود حقاً . هذا بالإضافة لظواهر خارقة حدثت بقدرة القادر عز وجل , وحيرت العلماء إذ تذكر كتب الأدب الطبي حالات مرضية كانت مستعصية وشديدة ولكنها شفيت شفاءً عفوياً تاماً أي شفيت لوحدها دون دواء فالله هو الشافي أولاً وآخراً ( وإذا مرضت فهو يشفيني ) . ولهذا لا يجوز أن يضع الإنسان حداً لحياته وقت يشاء ولا بد له أن يعيش حياته الدنيا مهما كانت صورتها سعيداً أم شقياً ووضع عز وجل لكل صورة ما يناسبها من ثواب أو عقاب ليكتمل امتحان هذا الإنسان , فإن كان سعيداً أمره بالشكر وبمواساة الأشقياء سواء بالزكاة والصدقات أو بالكلمة الطيبة ومد يد المساعدة لأخيه الإنسان المحتاج , وإن كان شقياً حضه على العمل والسعي والجهاد لتغيير هذا الشقاء قدر استطاعته كما حضه على الصبر وزين له جزاء الصابرين ببلوغ جنات الفردوس ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) . وأمر المؤمن كله خير كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ) . والطبيب تعلم مهنة الطب وأسرار الأدوية والسم لإنقاذ البشر من المرض والأذى والآلام بمداواتهم بحكمة بالجرعة المناسبة لكل مرض ودواء وليس له الحق أن يحمل سلاح الدواء من حده القاتل فيلبس ثوب عزرائيل ويخيف البشر , وتتحطم أسوار ثقة المرضى التي أحاطوه بها فكانت سر قوته وتاج نجاحه وعلو شأنه . د . هدى برهان طحلاوي _________________________ فهرس مواضيع الدكتورة هدى برهان طحلاوي
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu