المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة، حكايات طبية
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
منوعات
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب أقلام حرة - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
المستقبل لمن يعرف قراءة ماضيه
د عمر فوزي نجاري
المستقبل لمن يعرف قراءة ماضيه واقعنا اليوم يذكرنا بقصة نزاع سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مع سيدنا معاوية بن أبي سفيان، حيث خاطب سيدنا علي رعيته بقوله: (والله ليغلبن معاوية بباطله حقي!. فقالوا: يا أمير المؤمنين، أو يغلب الحق باطل ؟!. فقال: هم أصحاب باطل اجتمعوا عليه، وأنتم أصحاب حق تفرقتم عنه!.). كم غيّر الزمن من ملامح الأمة!.. صراعات طائفية تطحن القلوب، قلوب لا تعرف غير التعصب وسفك الدماء، ونفوس ضعضعها تآمر الأباعد وخيانة الأقارب، وقلة الحيلة!.. لو ألقينا نظرة على المشهد العربي في وضعه الراهن لوجدنا أننا أكثر أمم الأرض استعماراً، ذلك أننا مخترقون حتى النخاع ومستعمرون بشتى الوسائل والأنواع: سياسياً وعسكرياً وثقافياً وفكرياً واقتصاديا وعلمياً، مورست معنا شتى أساليب القهر والتسلط والإلغاء، وأمامنا عدو لا يرحم ولا ينفك يصب علينا شآبيب حقده!. يطارد حتى ظلنا، يحصي علينا أنفاسنا، يحطم مستقبل أمتنا بمعاوله الحاقدة اللئيمة!.. يشهد واقع أمتنا بتآكلها من أطرافها، فضلاً عن تمزيق أحشائها، وتسيّد الحاقد الصليبي والأمريكي المتصهين الشرير ومواليهما من الأسافل والسفهاء ممن جمعهم حقدهم على بني جلدتهم وأرض جدودهم، وقد ملأوا الدنيا ضجيجاً وعجيجاً وصار السلم هو الترجمة الفعلية للاستسلام وأضحت ثروات الأمة مهدورة للطغاة وميسورة لكل من عادى الأمة وأثار فيها الفساد!. وأضحى حال الأمة، كما قال الشاعر المتنبي: ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدواً له ما من صداقته بد في مدينة (السلفادور) عاصمة ولاية (باهيا) في البرازيل، لوحة كتب عليها: (إنّ المستقبل لمن يعرف قراءة ماضيه)..فهل عرف العرب قراءة ماضيهم ؟!. وهل استطاعوا ترجمة ما قرأوه على أرض الواقع ؟!. إنّها مأساة العروبة ومثقفيها ممن اضطر لتشغيل فكره في أجواء مشحونة متوترة لا يتوافر فيها أدنى متطلبات الأمان أو الإبداع.. فالمثقف العربي لم ينعم في يوم من الأيام بأي قدر من وسائل الترف الفكري كي تجعله قادرا ً على التعبير عما يختلج في أعماقه أو يجول في خاطره. فالعالم العربي الذي عرف وأبدع في محنة الانقلابات العسكرية والسطو على الأنظمة الشرعية في جنح الظلام، أبدع في التعبير عن سلطة الزعيم الأوحد، أبدع في إلغاء معنى التنوع والاختلاف، وأوصل الدولة الحديثة إلى أصولية مقيتة صار فيها الفكر تهمة تودي بصاحبها إلى المقصلة وأضحى الحديث عن العدالة الاجتماعية من المحرمات والمناداة بحرية الفكر من الكبائر والقول بالوحدة العربية والتضامن العربي من السخائف. إنّ تسلطية الدولة وإلغاء الآخر، عرقل التحديث الفكري والنمو الاقتصادي والنهوض الحضاري وانتهى إلى نقيض ما سعي لأجله، فانتعش الإرهاب بأشكاله والتردي الأخلاقي والحضاري بألوانه، وباتت الأمة تعيش الفوضى البناءة التي نادى بها أعداؤها من الخارج !. إنّ الشجون والهموم التي تعتري الأمة لا بد وأن تنكسر أمواجها وتموت كما تنكسر أمواج البحر، إلاّ أنّ البحر باق لا يموت، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى لملة شتاتنا وتناسي خلافاتنا، إلى ما يجمعنا، لا إلى ما يفرقنا، وأن ندرك أنّ دماءنا وعروبتنا قد انحدرت من أولئك البشر الذين صنعوا تاريخ الحضارة البشرية، وأننا أمة ذات خطاب حضاري عالمي متميز، لا تمييز فيه بين البشر (أسوده وأبيضه، أسمره وأصفره)، أمة أخذت من كل الأمم وتفاعلت معها بالقدر الذي يفيد البشرية جمعاء، أمة أخذت مكانتها وسادت العالم لقرون عديدة لا من خلال آلاتها الحربية ولا من خلال بطشها وجبروتها، بل من خلال فكرها المتسامح وأممية إنسانيتها، وهذا ما جعلها تخرج من حيزها الضيق المحدود في جزيرة العرب لتأخذ بعدها العالمي الأممي الرحب الأكثر عمقاً وأصالة. إنّ أمة كهذه، لن يستطيع طغاة العالم استئصالها ببتر أغصانها أو تقطيع بعض جذورها فهي دوحة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين، وقد سجل لها التاريخ ملاحم خالدات أضاءت عبره للبشرية منارات للفكر والمعرفة والرقي الإنساني. _________________________ فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu