المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة، حكايات طبية
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
منوعات
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب قصة قصيرة، حكايات طبية - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
ممن نخاف ؟
د . هدى برهان طحلاوي
ممن نخاف ؟ دخلت والخوف بعينيها تجر وراءها طفلتين صغيرتين بعمر الزهور وأول ما بدأت به بعد الجلوس أمامي السؤال عن مرضها وخوفها من كونها مصابة بالإيدز إذ أنها تشكو من نحول مستمر وفقدان الشهية للطعام واندفاعات جلدية غريبة الشكل . قلت لها نرى أولاً ونفحص ثم نقرر , وبما أن الاشتباه بالإيدز كان موجوداً فلا بد لنا من إجراء بعض التحاليل المخبرية الهامة لتأكيد التشخيص . ثم تابعت قائلةً : لماذا أنت خائفة من الإيدز ؟ هل لديك قريب مصاب كالزوج مثلاً ؟ أو أنك ذات علاقات خاصة ؟ وبجرأة أشبه بالوقاحة قالت : لن أخاف منك , وسأقول لك نعم إنني على علاقة بشاب منذ كنت فتاة وما زلت. تابعت أسئلتي لمزيد من الاستقصاء والتحري : وهذا الشاب هل له علاقات أخرى ؟ فقالت أظن ذلك إذ أراه مع فتيات عدة .. يا للويل إنني أخشى من الإيدز . وبغض النظر عما جرى لهذه المرأة لاحقاً وعن كون زوجها مغفلاً إلى هذا الحد , وعن الاستفسار والتساؤل لمن إذاً هاتان الطفلتان اللتان تحملان اسم زوجها والمستقبل الذي ينتظرهما .. تساءلت ملياً : ألهذا الحد بات إنسان هذا العصر من السخف والغباوة يخاف من الإيدز بدلاً من الخوف من الله , فلولا وجود الإيدز ممن يخاف إذاً ؟ على كل حال يبدو أن العالم اليوم ينقسم فريقين : فريق يخشى الله وآخر يخشى الإيدز ولا ثالث لهما ! فأما الفريق الأول فإنه يخشى إلهاً عظيماً كبيراً جباراً يحيي ويميت .. إلهاً قادراً على أن يهب الإنسان حياةً طيبة هانئة يعمر فيها الكون ويخلف من بعده ذرية قوية تحمل اسمه ورسالته , وطبعاً هذا الإنسان المؤمن يبتعد عن كل ما نهى عنه الله من محرمات كالسرقة والغش والكذب والزنى وغيرها .. ولذلك يبقى محبوباً ممن حوله من البشر , وله الوعد أيضاً بدخول جنة الخلد في العالم الآخر بعد الموت . أما الفريق الثاني فإنه يخشى فيروساً حقيراً متناهياً في الصغر لا تراه العين ولا حتى المجهر العادي الذي يكبر مئات المرات . يعمل ويفتك ببطء في الإنسان ويظل الجسم البشري يصارع الموت عدة سنوات حتى ينهزم أخيراً أمام هذا الفيروس الحقير الذي يظل مخيفاً ومرعباً لأن النهاية المحتومة بالعذاب والموت قادمة لا محالة . وخطر العدوى قائم خصوصاً لأقرب الناس إليهم , فيحطم أسراً بأكملها : الآباء والأبناء معاً , ولذلك يصبح المصاب به منبوذاً مخيفاً يتدافع البشر ويتراكضون من حوله مبتعدين عنه كأنه أصبح به وحشٌ مفترسٌ لا سبيل للخلاص منه إلا بقتله . ولكن السؤال الهام : هل تجيز الشرائع قتل هذا الإنسان المصاب خوفاً من الوباء الذي يمكن أن يسببه ؟ وهل كل المصابين به زناة ؟ طبعاً لا , فقد ينتقل من الآباء إلى الأطفال الأبرياء وقد ينتقل إلى المرضى عن طريق نقل الدم وإلى من يقوم بخدمتهم إذا لم تتبع سبل الوقاية الكافية . ولكن أصل الداء يبقى من الزنى المحرمة من كافة الشرائع السماوية ومن الفحشاء والمنكر, ولا سبيل للخلاص منه واستئصال شأفته إلا بالوقاية من الوقوع به باجتناب الزنى والفحشاء والمنكرات وتحريمها ومعاقبة كل من يقترفها ولا خلاص لنا إلا بالعودة للجلد والرجم دون رأفة . وكذلك يجب عزل المصابين به عن المجتمع وإتباع حكم الله في ذلك : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) . كما يجب تحريم النسل على هؤلاء المصابين لاحتمال انتقال هذا الداء إلى ذريتهم من بعدهم , وما يترتب على ذلك من ضحايا جديدة ومستقبل مظلم للبشرية . ولا بد أن تخجل ضمائر الذين ينادون بالإنسانية وبإسمها يعيبون على الإسلام حكم الجلد والرجم وقطع اليد وغيرها من الأحكام الهامة , إن هؤلاء أصحاب نفوس مريضة جشعة غير مسؤولة . وفي ذلك قال السيد المسيح كلمات مأثورة : ( وإذا دعتك يدك اليمنى إلى الخطيئة فاقطعها وألقها عنك فلأن تفقد عضواً من أعضائك خيرٌ لك من أن يذهب جسدك كله إلى جهنم ) ! . د . هدى برهان طحلاوي
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu