المقدمة
أراء طبية حرة
شعر
قصة قصيرة، حكايات طبية
أقلام حرة
أسئلة متنوعة و متكررة
في رثاء الراحلين
حقوق الانسان بالاسلام
فن و موسيقا
روائع نزار قباني
رياضة الغولف Golf
من التراث العربي
قصص من تراث اللاذقية
مخطط الموقع
باب قصة قصيرة، حكايات طبية - الصفحة (8) - كل ما لا علاقة له بالطب - منوعات
موت ظل
د. عمر فوزي نجاري
موت ظل لم يغادر منزله من الباب على عادته، بل خرج من النافذة كما تخرج الشتيمة من أفواه الزناديق،.. خرج مسرعاً كقذيفة مدفع شقّت عنان السماء..، وانسل بين جذوع أشجار الزيتون المجاورة فابتلت قدماه بالماء المنساب تحت العشب الأخضر، شعر ببرودة الماء في قدميه فتقلصت أصابع قدميه الموحلتين .. وازداد إصراره وتماسكه وتابع جريه وراء المجهول.. وعن بعد كانت تسمع خبطات أقدام الغرباء كمن يجري في مستنقع راكد.. وأخذ وقع الأقدام يزداد اقتراباً.. ومع اقترابها راودته أفكار مفزعة هي كالإعصار للسفينة… تناول أول حجر وجده في طريقه وأخذ يتحسسه بأنامله الغضة كما يتحسس الضرير وجه تمثال رخامي يريد أن يبعث فيه الحياة.. وفي عينيه بصيص النور .. هل مازال غارقاً في سبات حلمه؟!. أم أنّها الحقيقة المرة جعلته يفر إلى عالم الأحلام.. ركض حتى أضناه التعب من الجري.. وما زال وقع الأقدام يزداد اقتراباً .. توقف خلف جذع شجرة ليلتقط أنفاسه، وأمًا بصره فقد سرح في الفضاء الفسيح ومن حوله كانت أشجار الزيتون تحكي ألف حكاية وحكاية عن بطولات هزمت فيها الوداعة والطفولة البريئة الجبروت والطغيان كما يهزم الجمال القبح والأذى.. كان صفير الريح يقرع طبلة أذنيه، ونقيق ضفادع المستنقع المجاور يصم أذنيه.. تذكر الليالي الخمسة القاسية التي قضاها مع المجاهدين في كرهم وفرهم .. تذكر كيف نالوا من العدو وأذاقوه مرّ العذاب.. تذكر أمه التي احتضنته وهي تبكي. والحوار الذي دار بينه وبين أبيه الشيخ، والذي لا يزال صداه يجول في أعماق نفسه تاركاً بصماته فيها وفي عقله وفؤاده: - أبي إنّه زمن الإدمان، زمن الأبواق، زمن الركوع. زمن البعد عن الأصالة والعراقة والكبرياء. - الدنيا يا بني حلم، والآخرة يقظة والموت جسر بينهما، اثبت يا بني وصابر، ولا بد من يوم تُرد فيه المظالم وتعود فيه الاستقامة لهذه الموازين المختلة. كانت كلمات أبيه بلسماً شافياُ على قلبه، أعطته دفعاً وطاقة داخلية ألهبت مشاعره وبثت في أعماقه الشجاعة والكبرياء. عندما صحا إلى نفسه، التفت حوله فلم يجد سوى ظله الذي يتخبط في دمه وهو ينازع.. هل ينطق الموتى ؟!. هل يحق للحجر أن يتكلم ؟!. ربما يحدث هذا في عالم الأحلام ؟.. لابد أنه لا يزال يحلم، اهتز كيانه وانتفض بدنه، حدقّ في ظله وقد جمدت عيناه ويبس لسانه وما عاد قادراً على متابعة الحلم؟!. _________________________ فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري
الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©
http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu