Google
 

أسفل

جــــديدنا
ما يجب أن تعرفه عن اسهالات الأطفال .....     فضل الحضارة العربية الإسلامية على الحضارة الكونية الحديثة .....     لقاحات الكورونا المستجد .....     المقالات المنشورة على موقع طبيب الوب عن الكورونا – وباء الكوفيد 19 .....     التصرف السليم مع مرض الكورونا في الحالات خفيفة الشدة حصراً المقالة رقم 38 .....     أسباب وفيات الأطفال المراجعين للعيادات في مدينة اللاذقية .....     علاج الكورونا بالكلوروكين hydroxychloroquine .....     الأعراض الشعاعية لمرض الكوفيد 19 – وباء الكورونا .....     كيف يتكارثر فيروس الكورونا .....     الخصائص التي امتاز بها المرضى الذين ماتوا بفيروس وباء الكوفيد 19 - كورونا في ايطاليا .....     وباء الكوفيد 19، الكورونا. احصائيات اوربية و عالمية covid 19 / Corona virus .....     تشخيص الشقيقة والوقاية منها .....     فوائد رعاية الأطفال الخدج وناقصي وزن الولادة بوضعية الكنغ .....     الامراض المعدية .....     في عيون القراء .....     لعبة الغولف Golf تطيل الحياة .....     صمامة الرئة و الحمل .....     سرطان المبيض .....     توطئة في علم السموم .....     Lithopédion من عجائب الطب .....     طرق و اساليب منع الحمل .....     وباء الكريب grippe A(H1N1)2009 المسمى سابقا انفلونزا الخنازير .....     مقدمة إلى المشاكل الجنسية عند المرآة .....     الالتهابات التناسلية ـ الإصابة الخمجية للجهاز التناسلي بالكائنات الدقيقة .....     دراسة انتشار الطفيليات المعوية عند الأطفال .....     هل يمكن للولادة بالمجيء المقعدي أن تتم عن الطريق الطبيعي؟ .....     هل يفيد العلاج الجراحي لدوالي الحبل المنوي؟ .....     العذرية و غشاء البكارة .....     نصائح للأطباء حول تدبير حالات عسرة انتصاب القضيب .....     وباء الايدز، حقيقة الامر بالبلدان العربية، خصائص المرض، طرق العدوى، وسائل الوقاية .....     القذف المبكر، المتعة السريعة .....     مواضيع تهم الأطباء و طلاب الطب .....     صفحة خاصة تهتم بمشاكل الحمل و الولادة و تطور الجنين .....     العقبولة التناسلية Herpes .....     الطبيعي بالجنسانية الإنسانية .....     تعرفوا على أنفسكم. معلومات عامة طبية عن جسم الأنسان .....     اللقاح ضد سرطان عنق الرحم.. .....     سرطان عنق الرحم و فيروس البابيلوما الأنسانية HPV .....     الموسوعة المصغّرة للثقافة الجنسية و علم الجنس الطبي sexologie .....        
 
 

 

المقدمة

 

مستجدات طبية

 

الحمل و مشاكل الولادة

 

صحة عامة

 

أمراض الأطفال

 

مواضيع بالأمراض الداخلية

 

الجهاز التناسلي المذكر

 

أراء طبية حرة

 

علم التسممات

 
 
 

من أجل حلول لمشاكلك الجنسية، اسأل متخصص.

 
 
 

دليل لمواقع تهمك على الشبكة.

 
 
 

 

 

 
 

مخطط الموقع

باب علم التسممات - الصفحة (9) - صحة - طب عام

 
 

 
 

التَّسمُّم بأملاح الحديد

 

د.عمر فوزي نجاري

 

التَّسمُّم بأملاح الحديد
د. عمر فوزي نجاري

مقدمة

هو من التَّسمُّمات الشَّائعة الحدوث عند الأطفال بسبب سهولة توفُّر الأدوية الحاوية على الحديد في معظم المنازل، ذلك أنَّ معظم الأمَّهات تتناوله عقب الولادة كتعويضٍ لفقر الدَّم والنَّزف التَّالي للولادة أو بالمشاركة مع فيتاميناتٍ أخرى كمتمِّمٍ غذائيٍّ، إضافةً لشكل الحبوب الملبَّسة والَّذي يلتبس مع شكل الملبَّس أو السَّكاكر.

للحديد المستعمل في علاج فقر الدَّم شكلين:

الأوَّل: هو شكل الحديديِّ، أي (حديد ثنائي التَّكافؤ).
الثَّاني: هو الحديد ثلاثيِّ التَّكافؤ.

الحديد ثلاثيِّ التَّكافؤ لا يُمتص إلَّا بعد أن يتحوَّل إلى حديدٍ ثنائيِّ التَّكافؤ.

تحتوي كبريتات الحديد Ferrous sulfate على 20% حديدٌ صافٍ، بينما تحتوي فومارات الحديد على 33% حديدٌ صافٍ، كما أنَّ محتوى الحديد العنصريِّ في كلِّ زجاجات الفيتامينات يعادل 1200مغ.

تعتمد شدَّة التَّسمُّم على كمِّية عنصر الحديد المبتلع، ويمكن تقدير ذلك بمعرفة عدد الأقراص المبتلعة والنِّسبة المئويَّة للحديد العنصريِّ فيها.

تبدأ علامات التَّسمُّم عند الأطفال بالظُّهور عند تناول 10-20 مغ/كغ من عنصر الحديد، وتُعدُّ جرعة 30 مغ/كغ من الحديد الصَّافي جرعةٌ خطرةٌ، وتصبح السُّميَّة شديدة الخطورة إذا ما بلغت الكميَّة المتناولة 60مغ/كغ، وتصبح قاتلة إذا تجاوزت كميَّة الحديد المتناولة 250 مغ/كغ، علمًا أنَّه من الصعوبة بمكان معرفة عدد الحبَّات المتناولة من قبل الطِّفل.

الوبائيات: epidemiology

في عام 2017م سجَّلت الرَّابطة الأمريكيَّة لمراكز مكافحة السُّموم American Association of poison control centers (AAPCC)4400 حالة تّعَرُّض فردي للحديد وأملاح الحديد منها 2181 حالة كانت عند أطفالٍ دون الست سنوات من العمر و142 حالة عند أطفال بين 6-12 سنة و516 حالة كانت عند أطفال بين 13-19سنة، حدثت فيها وفيَّتان.

كما سجَّلت الرَّابطة 9640 حالة تَعَرُّض فردي لفيتامينات متعدِّدة مع الحديد منها 7926 كانت عند أطفال دون السِّت سنوات من العمر دون حدوث وفيات.

معظم الحوادث كانت عند أطفالٍ دون السِّت سنوات.

الفيزيولوجيا المرضيَّة: Pathophysiology

يُمتصُّ الحديد من جهاز الهضم بشكلٍ محكم، وتسبِّب الجُّرعات الزَّائدة ضررًا موضعيًا في الغشاء المخاطيِّ مما يسبِّب امتصاصًا غير منتظمٍ للحديد من الأمعاء وهذا بدوره يؤدي إلى حدوث مستوياتٍ مصليَّةِ قد تكون سامَّةً.

وتتجلَّى التأثيرات السَّامَّة بشكلين:

1. تأثيرٌ موضعيٌّ مباشرٌ بتخريشه لمخاطيَّة الجهاز الهضميِّ مسببًا تآكل الغشاء المخاطيِّ المعويِّ.

2. تأثيرٌ جهازيٌّ ينجم عن وجود الحديد الحرِّ الزَّائد في الدَّوران، إذ يُعتقد أنَّ الحديد الحرَّ الزَّائد له دورٌ سامٌّ للمتقدِّرات Mitochondria خاصةً في الكبد مما يُسبِّب اضطرابًا في الاستقلاب الخلويِّ، وقد يؤدي لحدوث حماضٍ استقلابيٍّ وما يُسبِّبه ذلك من تأثيراتٍ على باقي أعضاء الأجهزة.

التَّشريح المرضيُّ:

تتضمَّن الموجودات التَّشريحيَّة المرضيَّة ما يلي:
تنخُّرٌ في مخاطيَّة المعدة والأمعاء، آفاتٌ تصيب الكبد تتراوح بين الوذمة وحتَّى التَّنخر الكامل، وقد يشاهد احتقانٌ ونزفٌ رئويٌّ، وقد نشاهد تصبغاتٍ حديديةُ التَّركيب في الأعضاء مثل المعدة والكبد والرِّئة والكلية.

التَّظاهرات السريريَّة:

على الرَّغم من أنَّ التَّسمُّم بالحديد هو تشخيصٌ سريريٌّ فإنَّ معرفة مستوى الحديد في الدم يفيد في توقُّع المسار السريريِّ للمريض.

إنَّ التَّظاهرات الأساسيَّة للانسمام بمركَّبات الحديد هي ثلاثة:
1. الإقياء.
2. الإسهال.
3. الألم البطنيُّ والدَّوخة.

يتَّصف التَّسمُّم بالحديد سريريًا بمروره بخمسة أطوارٍ متعاقبةٍ:

لم يتم التَّوصل بشكلٍ عامٍّ إلى توافقٍ في الآراء بشأن عدد الأطوار والأوقات المخصَّصة لتلك الأطوار وقد لا يُظهر المرضى دائمًا كلَّ الأطوار:

1- الطَّور الأوَّلPhase 1: يتظاهر على شكل تأثيراتٍ معويَّةٍ بسبب التَّأثير الموضعيِّ المخرِّش للأغشية المخاطيَّة للأنبوب الهضميِّ، وهو يحدث عادةً بعد مرور (30 -120 دقيقة) على تناول الحديد، ويستمرُّ وسطيًا قرابة ستِّ ساعاتٍ، يترافق بإقياءاتٍ نزفيةٍ مدمَّاةٍ، اسهالٌ وألمٌ بطنيٌّ وهذه في الغالب ناجمةٌ عن التَّأثيرات الموضعيَّة المباشرة للحديد على الغشاء المخاطيِّ للمعدة والأمعاء مسببةً تآكله، وقد يحدث ضياعٌ دمويٌّ هضميٌّ مسببًا نقصَ حجمِ دمٍ باكرٍ ناجمٌ عن النَّزف الهضميِّ والاسهال، وهذا بدوره يساهم في نقص تروية الأنسجة Tissue hypoperfusion والحماض الاستقلابيُّ.

وقد تؤدي الاختلاجات والصَّدمة الى تعقيد هذه المرحلة اذا كان حجم الدَّورة الدَّمويَّة ضعيفًا بما فيه الكفاية، في مثل هذه الحالة يتقدَّم المريض بسرعةٍ نحو الطَّور الثَّالث ربما في غضون ساعاتٍ.

2- الطَّور الثَّاني Phase 2: ويُعرف بالطَّور الخفيِّ Latent phase أو الهجوع الخادع ويحدث عادةً بعد 4-12 ساعة من تناول الحديد، عادةً ما يرتبط بتحسُّن الأعراض، خاصةً إذا ما تمَّ تقديم رعايةٍ صحيَّةٍ داعمةٍ ومعالجةٍ صحيحةٍ خلال الطَّور الأوَّل، إذ قد يبدو الطِّفل طبيعيًا تمامًا ويُشفى تمامًا دون أعراضٍ، وأثناء ذلك تستمرُّ عمليَّة امتصاص الحديد و وصوله بالتَّالي إلى الجهاز الدورانيِّ ومنه إلى أعضاء الجسم المختلفة وخاصةً الكبد، حيث يتكدَّس في الـمتقدِّرات Mitochondria مؤديًا لتبدلاتٍ عميقةٍ في الاستقلاب الخلويِّ، وازدياد الحُماض الجهازيِّ systemic acidosis من النَّاحية السَّريريَّة يبدو المريض وكأنَّه يتحسَّن وخاصَّةً بالنِّسبة لغير الأطبَّاء، حيث يزول الإقياء المشاهد في الطَّور السَّابق -الأوَّل- إلَّا أنَّ التَّحليل المخبريَّ يُظهر ترقي حدوث حُماض استقلابي وربَّما بداية اختلالٍ وظيفيٍّ في الأعضاء الانتهائيَّة end-organ (ارتفاع مستويات الترانسأميناز).


3--الطَّور الثَّالث Phase 3: يبدأ عادةً في غضون 12-24 ساعةٍ من تناول الحديد، رغم أنَّه قد يبدأ أبكر من ذلك أي في غضون ساعاتٍ فيما إذا كان الطِّفل قد تناول كميَّةً كبيرةً من الحديد، بعد امتصاص حديدوز Ferrous (حديدٌ ثنائيُّ التَّكافؤ) يتحوَّل إلى حديديك Ferric (حديدٌ ثلاثيُّ التَّكافؤ) ويتمُّ تحرير أيون الهيدروجين غيرالداريءUnbuffered hydrogen ion، يتركَّز الحديد داخل الخلايا في المتقدِّرات ويعطِّل الفسفرة التأكسديَّة oxidative phosphorylation مما يؤدي إلى تكوين جذورٍ حُرَّةٍ وبيروكسيد الشَّحم lipid piroxidation ويؤدي هذا إلى تفاقم الحُماض الاستقلابيِّ ويُساهم في موت الخلايا وتأذي الأنسجة على مستوى الأعضاء، يتكوَّن الطَّور الثَّالث من سمِّيَّةٍ جهازيَّةٍ ملحوظةٍ ناجمةٍ عن تأذي المتقدِّرات والخلايا الكبديَّة، يؤدي فقدان سوائل الجهاز الهضميِّ إلى صدمةِ نقصِ حجمٍ Hypovolemic shock وحُماضٍ، أمَّا الأعراض القلبيَّة الوعائيَّة فتتضمَّن انخفاض معدَّل ضربات القلب وانخفاض نشاط عضلة القلب وانخفاض النَّاتج القلبيِّ وزيادة مقاومة الأوعية الدَّمويَّة الرِّئويَّة، وقد يكون الانخفاض في النَّاتج القلبيِّ ناجمًا عن تناقصٍ في انقباض العضلة القلبيَّة النَّاجم بدوره عن الحُماض ونقص حجم الدَّم، كما أنَّ الجذور الحرَّة المتولِّدة من امتصاص الحديد قد تؤدي إلى تلف العضلة القلبيَّة وضعف وظيفتها.

• يرتبط تسمُّم الحديد الجهازيِّ في الطَّور الثَّالث بثغرة أنيونٍ إيجابيَّةٍ positive anion gap في الحُماض الاستقلابيِّ.
• وقد تمَّ اقتراح التَّفسيرات التَّالية للحُماض:
- يرافق تحويل الحديد البلاسميPlasma الحرِّ إلى Ferric hydroxide هيدروكسيد الحديد يك زيادة في تركيز أيون الهيدروجين.
- الضَّرر الحاصل في أغشية المتقدِّرات النَّاجم عن الجذور الحرَّة يمنع التَّنفس الخلويَّ الطَّبيعيَّ وانتقال الالكترونات مما يؤدي لاحقًا لحدوث حُماض لبنيٍّ Lactic acidosis.
- كما وتساهم الصَّدمة القلبيَّة في نقص التَّرويَّة.
- كما يساهم كلٌّ من نقص حجم الدَّم ونقص التَّرويَّة في الحُماض.
• لوحظ حدوث اعتلالٍ في تخثُّر الدَّم coagulopathy ناجمٌ عن آليَّتين مختلفتين:

 قد يُظهر الحديد الحرُّ تأثيرًا مثبطًا مباشرًا على تكوين الثّرومبين والتَّأثير الثرومبينيِّ على الفيبرينوجين في الزُّجاج In vitro، وهذا قد يؤدي إلى اعتلالٍ في تخثُّر الدَّم.

 وفي وقتٍ لاحقٍ قد يكون انخفاض مستويات عوامل التَّخثُّر ثانويًا للفشل الكبديِّ.

• في الطَّور الثَّالث تتأذى الخليَّة الكبديَّة بسبب ترسُّب الحديد فيضطرب زمن البروثرومبين وينقص سكَّر الدَّم وترتفع أنزيمات الترانسأميناز وقد يحدث اليرقان والحُماض الاستقلابيُّ بسبب ترسُّب الحديد في أغشية المتقدِّرات، كما قد يحدث اختلاجٌ وسباتٌ وصدمةٌ غير قابلةٍ للإصلاح.

4- الطَّور الرَّابع Phase 4: قد يحدث بعد 2-3 أيَّامٍ من تناول الحديد، يُمتصُّ الحديد من قِبل خلايا كوبفرKupffer والخلايا الكبديَّة متجاوزةً القدرة التخزينيَّة storage capacity للفرِّتين Ferritin مسببةً أضرارًا تأكسديَّةً، تتضمَّن التَّبدلات التَّشريحيَّة المرضيَّة Pathologic تورمًا غائمًا ونخرًا كبديًا حول البابيِّ Periportal وارتفاع مستوى أنزيمات الترانسأميناز، وقد يؤدي هذا إلى فشلٍ كبديٍّ.

5- الطَّور الخامس Phase 5: ويحدث عند النَّاجين من التَّسمُّم الشَّديد بعد مرور (2-6 أسابيع) بعد تناول الحديد، يتميَّز بحدوث تندُّبٍ متأخِّرٍ في الجهاز الهضميِّ يليه تضيُّقٌ و انسدادٌ في البوَّاب pyloric obstructionبسبب التَّخريش الحادث في الطَّور الأوَّل، وقد يتطوَّر لدى المصاب تشمُّع كبدٍ hepatic cirrhosis.

التَّسمُّم المزمن بالحديد:

يحدث عند مرضى سرطان الأطفال الَّذين يتلقَّون عمليات نقل دمٍ متعددةٍ، ففي أحد المراكز تمَّ تشخيص حملٍ زائدٍ للحديد عند 37% عند مرضى أطفالٍ تلقَّوا 10 عمليات نقل دمٍ أو أكثر، في هذه الحالات فإنَّ العلاج بالاستخلاب قد يكون مفيدًا.

التَّبدُّلات المخبريَّة:

وتترافق مع التَّسمُّم الشَّديد بالحديد وتتضمَّن:
1- ارتفاع الكريَّات البيض.
2- ارتفاع سكَّر الدَّم.
3- حُماض استقلابي.
4- فرط بيلروبين الدَّم.
5- زيادةٌ في خمائر الكبد.
6- تطاولُ زمن البروثرومبين.
7- دمٌ خفيٌّ أو عيانيٌّ في البراز.
وفي حال ضياع سوائل البدن، يحدث زيادةٌ في تركيز الدَّم (زيادةٌ في الكريَّات الحمر والخضاب) كما وترتفع الـ BUN (Blood Urea Nitrogen) نتروجين البولة الدَّمويَّة.
الصُّورة الشُّعاعية للبطن تُظهر المادَّة الظَّليلة في المعدة، ولكنَّ غيابها لا ينفي وجود التَّسمُّم.

التَّدبير:

إنَّ نسبة حدوث التَّسمُّم الشَّديد بالحديد تُعتبر قليلةً مقارنةً مع الحالات الَّلاعرضيَّة أو بأعراضٍ خفيفةٍ سليمةٍ، ومع ذلك لابُدَّ من معرفة تدبير كلِّ الحالات.
في علاج التَّسمُّم بالحديد ضع في الاعتبار كِلا إزالة تلوُّث Decontamination الأمعاء بالحديد مع غسل الأمعاء بالكامل Irrigation، والخلب Chelation باستخدام الديفيروكسامينDeferoxamine وريديًا.

من الطَّبيعيِّ أنَّه يصعب معرفة كميَّة الحديد المتناولة، ومن هنا وجب الاعتماد على مستوى الحديد في الدَّم لتقدير درجة التَّسمُّم، حيث يعكس حديد المصل الَّذي يتجاوز السِّعة الرَّابطة للحديد ويتظاهر بحديدٍ حُرٍّ جوَّالٍ في الدَّوران.

وعادةً إذا كان مستوى حديد المصل أقلُّ من 350مغ/دل بعد تناول المادَّة الدَّوائيَّة بـ (2-6) ساعاتٍ فإنَّه يدلُّ على طورٍ لا عرضيٍّ.

أمَّا إذا كان المستوى بين 350-500مغ/دل فتظهر أعراض طورٍ أوَّلٍ سليمٍ ونادرًا ما يسبِّب اختلاطاتٍ خطيرةٍ.

أمَّا إذا كان المستوى أكثر من 500مغ/دل فإنه يوحي بتظاهراتِ الطَّورِ الثَّالث وما يليه.

كما تمَّ وصف علاماتٍ سريريَّةٍ واختباراتٍ بسيطةٍ تفيد في التَّنبؤ في حالة المصاب بالتَّسمُّم بالحديد مع مستويات حديدٍ مصليٍّ أكثر من 300مغ/دل ولديه قابليَّة التَّرقِّي للدُّخول في طور التَّسمُّم الخطير: (الإقياءات، الاسهال،
سكَّر دمٍ أكثر من 150مغ/دل،
تعداد كرياتٍ بيضٍ أكثر من 15000/ملم3،
بقاء المادَّة الظَّليلة في المعدة) كلَّها تناسب مستوى حديدٍ مرتفعٍ.

على كلِّ حالٍ إذا لم تظهر على المريض أعراضٌ سُميَّةُ الحديد خلال السَّاعات السِّت الأولى التَّاليه لتناول المادَّة الدَّوائيَّة فمن غير المحتمل أن يتطور لديه تسمُّمٌ بالحديد.

أمَّا إذ ترافقت حالة المتسمِّم بالحديد بأعراضٍ باكرةٍ شديدةٍ بما فيها الإقياءات والاسهالات والنُّزوف الهضميَّة وعلامات الوهط الدَّورانيِّ، فإنَّ ذلك مؤشرٌ لحاجة المريض للمتابعة و للعناية المشدَّدة.
أمام كل حالة تسمُّم بالحديد، يجب إجراء ما يلي:

1- تأمين طريقٍ هوائيٍّ.
2- فتح وريدٍ.
3- سحب نماذج دمٍ من أجل إجراء: تعدادٍ آليٍّ، سكَّر الدَّم، الشَّوارد، البولة الدمويَّة، وظائف الكبد، الـ BUN، معايرة الحديد، السِّعة الرَّابطة للحديد، واجراء الزمرة والتصالب.
4- غسل المعدة باستخدام أنبوبٍ كبيرِ الُّلمعة.
5- دعم الضَّغط باستخدام نورمال سالين أو رينغر لاكتات.
6- خلب الحديد: باستخدام دي فيروكسامين وريديًا، وهذا يجب البدء به بأسرع ما يمكن في حالة التَّسمُّم الشَّديد.
7- صورة بطنٍ بأسرع ما يمكن بعد الغسل لتحري فعاليَّة غسل المعدة.

ملاحظة:

لوحظ حدوث اصاباتٍ صَمَمِيَّةٍ عند المرضى المصابين بالتَّالاسيمياβ والمعالجين بالـ Desferrioxamine وهو من نوع الصَّمم العصبيِّ الحسيِّ، وتصل نسبة الحدوث إلى 25-57% من المعالجين به، وقد ثبت أنَّ الأثر السَّام للعصبِ السَّمعيِّ بالـ Desferrioxamine له علاقة بالجُّرعة المعطاة ويمكن له أن يحدث حتَّى في الجُّرعات الدَّوائيَّة المنخفضة نسبيًا.


تدبير مريضٍ متسمِّمٍ بجرعةٍ قد تكون سامَّةٍ من الحديد


- المريض الَّلاعرضيُّ الَّذي تناول الحديد يحتاج لتحريض الإقياء وبعضهم ينصح بغسل المعدة بعد التَّحريض.

وإذا أمكن معايرة الحديد في المصل تُسحب فورًا نماذج من الدَّم وتُجرى صورة للبطن، مع مراقبة المريض.

- إذا كان مستوى الحديد في المصل خلال(2-6) ساعات من تناول الحديد أقل من 350مغ/دل عند مريضٍ غير عرضيٍّ مع صورة بطنٍ طبيعيَّةٍ فهو غالبًا سليمٌ ويمكن تخريجه.

-إذا كان مستوى حديد المصل ˂ 350مغ/دل، أو عند وجود أيَّ عرضٍ، أو صورة بطنٍ إيجابيَّة، عندها لابُدَّ من قبول المريض المتسمِّم ومتابعة الإجراءات الَّلازمة.

- إذا لم يكن عيار حديد المصل ممكنًا، نجري تعداد الكريَّات البيض WBC وسكَّر الدَّم إضافةً لصورة البطن.

- يراقب المرضى لمدَّة ستِّ ساعاتٍ في الإسعاف فإذا كانت الفحوص المخبريَّة طبيعيَّةٌ ودون أعراضٍ يمكن تخريجهم.

- أمَّا المرضى بفحوصاتٍ غير طبيعيَّةٍ، لابُدَّ من ارسال عيِّنة دمٍ لمعايرة حديد المصل والبدء بجرعة دي فيروكسامين 50مغ/كغ عضليًا وبجرعةٍ قصوى قدرها 1غ.

- إنَّ تلوُّن البول بلونٍ برتقاليٍّ مزهرٍ يدلُّ على وجود مركَّب (الحديد –دي فيروكسامين) في البول، وهذا يتناسب مع زيادة عيار الحديد في المصل، وهذا استطبابٌ للقبول ومتابعة العلاج.

- المرضى غير العرضيِّين بعد ستِّ ساعاتٍ مع اختبار دي فيروكسامين سلبي يُخرَّجون.


العلاج:

أ‌- تتضمَّن الجهود المبذولة لعلاج حالات التَّسمُّم الحادَّة بالحديد، زيادة الإطراح وإنقاص الامتصاص.

ب‌- الإقياء باستخدام شراب عرق الذَّهب، ويُشترط لاتخاذ هذا الإجراء أن يكون:
1. درجة وعي المريض جيِّدة.
2. منعكس الإقياء عند المريض فعَّالٌ.
3. أن تكون الكمَّية المتناولة من الحديد العنصريِّ˂ 20 مغ/كغ.

لا يستخدم مسحوق الفحم نظرًا لعدم إمكانيَّة ربطه لأملاح الحديد.
في الحالات الأكثر شِدَّةً يُتَّبع تحريض الإقياء بغسل المعدة لإقلال الكميَّة المُمتصَّة قدر الإمكان، ويتمُّ ذلك باستعمال محاليل خاصَّةٍ تجعل الحديد المتبقِّي بشكلٍ غير فعَّالٍ وأقلُّ قدرةً على أذيَّة الغشاء المخاطيِّ، ويفضَّل حاليًا استخدام محلول 1-1.5% بيكربونات، وبعضهم ينصح بإضافة دي فيروكسامين لمحلول الغسل بمقدار 2 غرام/لتر إضافةً لإعطاء أقراصٍ من هذه المادَّة بعد الغسل (10غرام في 50 سم ماء).

ت‌- المعالجة الخالبة بالـ دي فيروكسامين:
وتُستطبُّ في الحالات التَّالية:
1) في حالات الصَّدمة أو السُّبات.
2) قصة ابتلاع كميةٍ كبيرةٍ من الدَّواء مع أعراض إقياءٍ واسهالٍ خفيفةٍ.
3) زيادة حديد المصل بشكلٍ أعلى من السِّعة الرَّابطة للحديد (TIBC).
4) إيجابيَّة اختبار التَّحدي بالموادِّ الخالبة.

طريقة إعطاء الـ دي فيروكسامين:

يُعطى بالتَّسريب الوريديِّ المستمرِّ، والجرعة المفضَّلة 15 مغ/كغ/ساعة، وبجرعةٍ قصوى يوميَّةٍ 360مغ/كغ، وبجرعةٍ يوميَّةٍ لا تتجاوز 6 غرام، ويجب الانتباه إلى أنَّ التَّسريب بحدِّ ذاته يسبِّب هبوطًا في الضَّغط، ويستمرُّ التَّسريب حتَّى ينخفض مستوى حديد المصل ويغيب الَّلون البرتقاليُّ المزهر من البول.

وقد يُعطى الـ دي فيروكسامين عضليًا بمقدار 50مغ/كغ/24ساعة وبجرعةٍ قصوى (1غرام) .
يلاحظ أنَّ لون البول يصبح أحمرًا ترابيًا (ورديَّا) عندما يزيد الحديد المصليُّ عن السِّعة الرَّابطة للحديد، أو عندما يكون حديد المصل أكثر من 500مغ/دل.

وفي بعض الحالات حيث تبدي صورة البطن بعد الغسيل مادَّةً ظليلةً متبقيَّةً، فإذا كانت الكمِّيَّة كبيرةً وحالة المريض تسمح فلابُدَّ من التَّفكير بتنظير المعدة أو حتى فتح المعدة جراحيًا لإزالة ما تبقَّى من المادَّة المتناولة.

ومن الضَّرورة بمكانٍ الانتباه إلى وظائف الكلى، لأنَّ الصَّدمة إذا ما حدثت فإنَّها قد تسبِّب فشلًا كلويًا، ولذلك كان من الضَّروريِّ مراقبة حجم البول لتجنب حدوث الفشل الكلويِّ، ولمراقبة طرح مركَّب (حديد-دي فيروكسامين)، وإذا ما تطوَّر حدوث فشلٍ كلوي يمكننا الاستمرار بالمعالجة الخالبة مع إجراء تحالٍّ مؤاقتٍ حيث أنَّ المركَّب قابلٌ للحلِّ، ذلك أنَّ التَّحال لا يُجرى للتَّسمُّم بالحديد ما لم يرتبط الحديد مع الدي فيروكسامين، وعندها يُستطبُّ عند حدوث انقطاع أو شحٍّ في البول.

مضاعفات التَّسمُّم بالحديد:

تتضمَّنُ مضاعفات التَّسمُّم بالحديد ما يلي:
1. الخمجيَّة infectious: تسمُّم الدم باليرسينيا المعويَّة Yersinia enterocolitica septicemia

2. الرئويَّة: متلازمة الضَّائقة التَّنفسيَّة الحادَّة Acute respiratory distress syndrome (ARDS).

3. الهضميَّة: فشلٌ كبديٌّ صاعقٌ Fulminant hepatic failure تشمُّعٌ كبديٌّ Hepatic cirrhosis تضيُّق البوَّاب أو الاثنا عشر Pyloric or duodenal stenosis.
تتزايد احتماليَّة الاصابة باليرسينيا المعويَّة لأنَّ اليرسينيا تتطلَّب الحديد كعاملٍ للنُّموِّ، يعمل الديفيروكسامين على إذابة الحديد ممَّا يساعد في دخول اليرسينيا إلى داخل الخلايا، يُشتبه في الإصابة باليرسينيا عند المرضى الَّذين يتطَّور لديهم حدوث ألمٍ بطنَيٍّ وحمَّى واسهالٍ بعد الشِّفاء من التَّسمُّم بالحديد.

الانذار:

معظم الحالات تتسبَّب في سمِّيةٍ خفيفةٍ علمًا أنَّ الجُّرعات الزَّائدة من مكمِّلات الحديد المركَّزة قد تتسبَّب في عقابيلٍ شديدةٍ قد تصل للوفاة.

الوقاية:

للوقاية من التَّسمُّم بالحديد لابُدَّ من تثقيف الأهل بما يتعلَّقُ بحماية الأطفال في المنزل بإبقاء الأدوية بعيدًا عن متناول أيديهم.



المصادر:

1- Gary Feisher and Stephan Luduig، Textbook of pediatric emergency medicine، 1983.
2- Medicine Digest، Vol14، No 1، January 1988، page 49.
3- الدليل العلاجي في طب الأطفال، مانيوال واشنطن، التسممات، الفصل الثامن، ص 300-301، الطبعة العربية الثانية،2003 م.
4- Jennifer S Boyle، MD، Pharm D، Pediatric Iron Toxicity، Medscape، Feb-4-2019


_________________________
فهرس مواضيع الدكتور عمر فوزي نجاري

 

 
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

   
أعلى
الصفحة الرئيسية - الأرشيف - بحث - اتصل بنا - من نحن - سجل الزوار - الصفحات الأخرى
 

الحقوق محفوظة طبيب الوب 2014 ©

http://tabib-web.eu - http://www.tabib-web.eu